الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

مناظرات بين العدلية والمجبرة:

صفحة 410 - الجزء 1

  تفيد التصديق إلا إذا صدرت من عدل حكيم، ومع ذلك فهم ينفون العدل والحكمة؛ فكانت حينئذ فضلة مستغنى عنها.

  ويقال: قد ثبت أن جميع الرسل إلى الكفار ادعوا النبوة والرسالة إلى قومهم، فكان يصدقهم القليل منهم ويكذبهم الجم الغفير، وكلا التصديق والتكذيب من فعل الله تعالى، فليس بأن يحكم بصدق الأنبياء نظراً إلى تصديق الأقل أولى من أن يحكم بكذبهم نظراً إلى تكذيب الأكثر، فإن اعتلوا بظهور المعجزات فقد سلف جوابه.

  ويقال: قد ثبت أن الخلق بين مثبت للشرائع والأحكام والبعث واليوم الآخر والجنة والنار وبين ناف لجميع ذلك ومشرك بالله تعالى غيره، وجميع ذلك عندكم بخلق الله وإرادته، فليس الحق بيد المثبت أولى من أن يكون بيد النافي، بل هذا أولى بالمصير إليه؛ لأن الحكم للأكثرية عندكم.

  ويقال: إذا كان جميع أفعال وأقوال من يخالفكم من خلق الله تعالى وفعله وبإرادته وقضائه وقدره وجب عليكم أن ترضوا منهم ذلك وتصدقوهم، ولا تذموهم ولا تحاججوهم ولا تناظروهم ولا تكابروهم، وترضوا منهم ما وجهوه إليكم من الذم واللعن والضرب والقتل، وإلا كنتم في جميع ذلك ممن لم يرض بقضاء الله وقدره، ولله القائل:

  اصْفَع المجبرَ الذي ... بِقضاء السوءِ قد رَضِي

  فإذا قال: لم فَعَلْتَ ... فَقُلْ: هكذا قُضِي

مناظرات بين العدلية والمجبرة:

  حكى الإمام عز الدين # في المعراج شرح منهاج القرشي أن عدليًّا قال لمجبر: أفكلما أقوله من الله تعالى وفعله؟ قال نعم، قال: وهو حق وصدق؟ قال: نعم، قال: فأنا أقول: الجبر كفر والمجبر كافر، فبهت ذلك المجبر!