الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

مذهب المجبرة في الإرادة والكراهة والرد عليهم:

صفحة 489 - الجزء 1

  ومعلومة من العقل استدلالاً؛ لأن من صدرت عنه الأفعال على الوجوه المتنوعة والصفات المختلفة، وصدرت عنه الأوامر والنواهي والوعد والوعيد والزجر والتهديد - علم قطعاً أنه مريد وكاره.

  وقد اختلف المتكلمون الذين ذهبوا إلى تحديد الإرادة والكراهة في حق الله تعالى على أقوال جمة، كلها لا تخلو عن مناقشة وسؤال وخفاء واستشكال، لا حاجة لنا بذكرها خشية التطويل مع عدم الاحتمال، فالأولى الوقف في معناهما في حق الله تعالى مع اعتقاد أنه تعالى مريد وكاره على الجملة، وأنه يريد كل الخير ويكره كل الشر، وهذا مذهب جماعة من أئمتنا $ وأتباعهم الأعلام، كالإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين صنو المؤلف $، والهادي بن إبراهيم، والإمام شرف الدين، والمفتي، والجلال، وسيدي العلامة وجيه الإسلام، وذكره في مؤلفه الإرشاد الهادي، حكاه عنهم شيخنا رحمهم الله جميعاً واختاره، وهو الحق، والله أعلم.

مذهب المجبرة في الإرادة والكراهة والرد عليهم:

  قال #: (فإن قيل لك) أيها الطالب الرشاد (: أربك يريد شيئاً من القبائح؟) وهي كل فعل تضمن ظلماً أو كذباً أو عبثاً أو مفسدةً أو سفهاً أو نهى عنه الشارع، وقد مر تفصيل الكلام في ذلك. (فقل: إنه تعالى لا يريد شيئاً منها) وسواء في ذلك ما وقع منها أو لم يقع، وكذلك فإنه تعالى يريد الحسن كله من العدل والإنصاف والإحسان والصدق وجميع الطاعات، وسواء وقع ذلك أم لم يقع، ويريد تعالى صلاح خلقه ومعايشهم وعمارة كونهم من الوجوه المستحسنة. وإنما ترك المؤلف # ذكر إرادته تعالى الحسن استغناءً بذكر أهم طرفي الباب عن ذكر الآخر، وإيثاراً للاختصار، وهذا قول أهل العدل كافة، والخلاف في ذلك للمجبرة كافة، فإنهم لما اعتقدوا أن أفعال العباد كلها من الله