الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

إلزامات على قولهم: إن الله تعالى يريد القبائح ويشاء الفضائح:

صفحة 498 - الجزء 1

إلزاماتٌ على قولهم: إن الله تعالى يريد القبائح ويشاء الفضائح:

  يقال لهم: إذا كان الله تعالى يريد من الكافر الكفر فأنتم ماذا تريدون منه؟ إن قلتم: نريد له ما أراده الله له - قيل: فقد أردتم الكفر له، ومن أراد الكفر من أي شخص فهو كافر، وإن قلتم: نريد له الإيمان - قيل: فأيهما أحسن هل ما أراد الله له أو ما أردتم له؟ إن قلتم: ما أراد الله له - قيل: إذاً فالكفر خير من الإيمان، فهو أولى بأن يفعله، وإن قلتم: ما أردنا له - قيل: فأنتم إذاً أحسن اختياراً من الله تعالى، فأنتم أولى بالحمد والشكر.

  حكي أن مجبراً داواه نصراني من وجع بعينه فبرئ، فقال المجبر: قد وجب لك علي حق، فأنا أريد أن أنصحك. قال: بماذا؟ قال: بأن تُسْلم، وكأن النصراني كان عارفاً بمذهب المجبر، فقال: أتريد نصيحتي وإسلامي؟ قال: نعم. قال: والله يريد نصيحتي وإسلامي؟ قال: لا. قال: فأيكما أحق بالإجابة؟ فانقطع المجبر.

  ويقال: إذا كان الله تعالى يريد الكفر وجميع المعاصي ممن فعلها، وكان الشيطان أيضاً كذلك، وكان الأنبياء $ والمؤمنون يكرهون ذلك ولا يريدونه، وكانوا ينهون عنه، ويأمرون بالإيمان ويقاتلون عليه - فإبليس أحسن حالاً منهم؛ لموافقته مراد الله تعالى وعدم مشاققته، وهم أخسُّ حالاً وأولى باللعنة؛ لمخالفتهم لمراد الله ومشاققته، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وحاشا أنبيائه والمؤمنين عما يقوله الظالمون.

  ويقال: ما تقولون في رجل حلف بطلاق امرأته ليفعلن ما يريده الله منه، ففعل معصية: أَبَرَّت يمينه وحَلَّت له امرأته أم لا؟ إن قيل: «نعم» خالفوا المعلوم من الدين ضرورة، وإن قيل: «لا» بطل مذهبهم.

  ويقال: إذا كان الله تعالى يريد ما وقع من قتل أنبيائه وأوليائه وتكذيبهم وسبهم، فالفاعل لذلك فاعل لما أراده الله تعالى، والخير فيما أراده، فكان قتل الأنبياء والأولياء خيرًا يستحق بمقابله الثناء والمدح والإثابة.