[فصل:] في البلاء والآلام وما يتصل بذلك
[فصل:] في البلاء والآلام وما يتصل بذلك
  في الكلام فيما يفعله الله تعالى بعباده من الامتحانات والابتلاءات بالأمراض والأسقام والغموم والنقائص والجوائح، وفي الكلام على الآلام الصادرة من بعض الخلق على بعض، وما يتصل بذلك من الآجال والأرزاق والأسعار والتكسب والألطاف.
  واعلم أن الجهل بوقوع الحكمة على الجملة في ذلك أدى كثيراً من الناس إلى الضلال والهلاك كالفلاسفة قالوا: لو كان للعالم صانعاً حكيماً لما فعل هذه الأمراض والآلام والنقائص والحوائج، فنفوا الصانع المختار، وجعلوا جميع التأثيرات ناشئة عن العلة القديمة وما صدر عنها من العقول والأفلاك والنفوس.
  وكالطبائعية، لما أسندوا جميع التأثيرات إلى الطبائع أسندوا هذه الآلام ونحوها إلى الطبع، ونفوا صدورها ووقوعها من الله تعالى.
  وكالثنوية، لما اعتقدوا أنها شر محض أثبتوا لها فاعلاً غير يزدان الذي هو الباري بزعمهم، ونسبوها إلى الشيطان.
  وكأهل النور والظلمة، نسبوا الخير كله إلى النور، والشر كله إلى الظلمة.
  وكَعُبَّاد الأصنام وبعض الجهلة من هذه الأمة، لما اعتقدوا في الأصنام والأولياء نسبوها إليهم فيمن لم يحسن الظن بهم.
  وكأهل الإحالة من المطرفية ونحوهم، قالوا: إن الله تعالى أحال التأثيرات في الأجسام على بعضها البعض، وإنما خلق الأصول الأربعة: الماء والهواء والنار والتراب، ثم أحال جميع الحوادث من الإحياء والإماتة والنباتات والآلام والنقائص على هذه الأصول بواسطة طبائعها، ولا فعل له تعالى في ذلك عند بعضهم إلا كونه تعالى فاعل السبب، وبعضهم يقول: بل له أثر في ذلك مع الإحالة المذكورة.