الألم:
  وكأهل التناسخ، لما أثبتوا الصانع المختار، وجهلوا الحكمة في الأمراض والأسقام النازلة بالأطفال ونحوهم من غير المكلفين والبهائم وسائر الحيوانات - قالوا: إن الأرواح القائمة فيها قد عصت الله تعالى في هياكل وأجسام أُخر، ثم تناسخت وتنقلت إلى أولئك الأطفال ونحوهم.
  وكالبكرية، لما أثبتوا الصانع المختار وقالوا: إنه حكيم، وجهلوا الحكمة في إيلام الأطفال ونحوهم أنكروا وقوع التألم فيهم.
  وكالمجبرة، لما أنكروا قبح الظلم، وجوزوا أن يفعل الله تعالى ما صورته ظلم في الشاهد، وجوزوا منه فعل كل قبيح - جوزوا صدورها بالأطفال والمؤمنين وسائر المكلفين وجميع الحيوانات لغير مصلحة وحكمة.
  فهذه فرق الضلال التي ضلت وهلكت بسبب جهلهم وإنكارهم الحكمة والمصلحة فيها رأساً. وأهل العدل قاطبة سَلِمُوا عن الوقوع في هذه الورطة؛ بأن حملوها على وجوه من المصالح والحكمة تخرجها عن العبث والظلم على خلاف بينهم في تفصيلها حسبما سيأتي، والذي يجب على المكلف هو اعتقاد الحكمة والمصلحة في جميعها على الجملة، فأما على التفصيل بعد الإقرار بحصول الحكمة والمصلحة على الجملة فلا يلزم، إلا على سبيل الزيادة في البصيرة والاستكثار من الفوائد المنيرة.
الألم:
  إذا عرفت ذلك فاعلم أن الأَلَم جِنْسٌ يشمل الأمراض وما وقع من الجنايات الواقعة من بعض الحيوانات على بعض، وحقيقته: هو المعنى المدرك بمحل الحياة فيه مع النفرة.
  وهو من فعل فاعل.
  وقالت الطبائعية: بل من الطبع.