الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

مسألة:

صفحة 524 - الجزء 1

مسألة:

  ذكر القرشي ¦ في الآجال: أنها لطف للمكلفين، قال: ومعنى كونها لطفاً لنا يختلف باختلاف المراد بالأجل، فإن أريد بالأجل العمر وأوقات الحياة لم يصح كونه لطفاً لذلك المعمر؛ لأنه من قبيل التمكين، ويجوز أن يكون لطفاً لغيره؛ إذ لا يمتنع أن يعلم الله سبحانه وتعالى أن عند بقاء زيد يختار عمرو الطاعة. وإن أريد بالأجل وقت الموت فمحال أن يكون لطفاً للميت؛ إذ لا تكليف بعد الموت، ولكن لا بد أن يكون لطفاً لغيره من المكلفين إذا حصل بالإماتة ألم. ويجوز أن يكون علم زيد بأنه يموت لطفاً له؛ فيكون أجله لطفاً بهذا المعنى. انتهى.

  قلت: وقوله: «إذا حصل بالإماتة ألم» لا معنى لهذا الاشتراط؛ لأن الموت يقع به الاعتبار والالتطاف ولو قدرناه خالياً عن الألم، كما هو معلوم فيمن اعتبر وتذكر. وقوله: يختلف باختلاف المراد بالأجل الخ كلام جيد، ويمكن أن يزاد فيه بأن يقال: باختلاف طول الأعمار وقصرها وتوسطها، واختلاف أسباب الموت من الأمراض والأسقام، وطول المرض وقصره، وموت الفُجأة وموت القتل باعتبار التمكين منه، ففي جميع ذلك لطف للمكلفين، واللطف في الحقيقة هو بالعلم بهذه الأعمار وأسباب الموت التي شاهدها المكلف في غيره، وبعدم علمه بمقدار عمره وسبب موته، مع علمه أنه لابد من ذلك لا محالة.

[معنى كتب الله للأعمال والآجال وتقديره لها]:

  مسألة: ومعنى كون الله تعالى كتب الأعمار والآجال وقدرها ونسخها: ثبوتها في علمه ø على مقادير معلومة عنده وأسباب مقدرة، ثم نسخها أزالها - أي: الأعمار - بالموت والأجل المضروب في علمه لزوال حياة الحي، أو كتب في اللوح عمر فلان كيت وكيت، وموته في الوقت الفلاني بسبب كذا أو كذا،