الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

الألطاف

صفحة 541 - الجزء 1

  من شرائط الفعل المكلف به، وبهذا يظهر عدم وجوب اللطف وإن حسن، فما هو إلا كفعل مرغب من الجواد الكريم. ويعلم وجوب ترك ما فيه مفسدة، وقبحها وعدم وقوعها من العدل الحكيم. ولا يرد عليه ما قاله القرشي: لو لم يجب اللطف لما قبحت المفسدة؛ لعدم التلازم كما يظهر من الكلام المذكور في إحضار الطعام؛ إذ يمكن فيه الإخلال بما هو بمنزلة اللطف مع عدم ارتكاب ما هو بمنزلة المفسدة.

دليل:

  أصل التكليف في نفسه غير واجب، فكذلك ما هو فرع عليه؛ إذ لا يزيد الفرع على أصله.

  لا يقال: وكذلك الثواب وقضاء الدين ونفقة الزوجة متفرع على التكليف والاستدانة والنكاح، فكما أنه يقال بوجوب هذه الفروع وإن كان أصولها غير واجب فكذلك اللطف هو واجب وإن كان أصله غير واجب.

  لأنا نقول: هذه الأمور المذكورة مقتضاة عقلية ولوازم شرعية وجبت من وقوع أسبابها المذكورة، وليس كذلك اللطف؛ لأنه ليس إلا بمنزلة فعل المرغب، فهو خارج عن التكليف وعن الثواب، فليس فعله بآكد من فعل التكليف فضلاً عن أن يبلغ حد الوجوب.

دليل:

  لو وجب اللطف لوجب لكل مكلف في فعل كل طاعة وترك كل معصية؛ إذ لا وجه للتخصيص؛ لاستواء جميع المكلفين في حسن العرض على النفع بالتكليف، ونقض الغرض منه بالإخلال باللطف فيه، فكان لا يوجد عاص ولا معصية، ولا تفقد طاعة، والمعلوم خلافه.