[هل يصح أن يتقدم اللطف على الملطوف فيه وأن يكون من فعل غير الله]
مسألة: [التوفيق]:
  اتفقت العدلية على أن التوفيق هو اللطف في فعل الطاعة. والعصمة: هي اللطف في ترك المعصية. والخذلان: بمقابلهما، فهو عدم اللطف بمن لا يستحقه لعدم طويته على الانقياد على الصحيح، أو بمن لا لطف له عند القائلين بوجوبه.
  وقالت المجبرة: بل التوفيق خلق الطاعة، والعصمة: المنع من المعصية بخلق القدرة الموجبة للطاعة، وعدم خلق القدرة الموجبة للمعصية عند من أثبت للعبد قدرة منهم، أو بخلق نفس الطاعة وعدم خلق المعصية عند من نفى القدرة منهم. ذكر معنى ذلك الإمام المهدي #، وقال في الرد عليهم: قلنا: بناءً على أصل فاسد، قال الشارح: لما تقدم في مسألة خلق الأفعال، فلا نكالمهم في هذه المسألة بل في تلك.
مسألة: [الخلاف في جواز منع اللطف فيمن لا يلتطف]:
  واختلفت العدلية في جواز منع اللطف فيمن لا يلتطف على جهة العقوبة، فقال الحاكم: يجوز، وقال المهدي: فيه نظر؛ لأن ذلك اللطف إن علم الله أن العبد يلتطف به كان واجباً عليه تعالى ولم يحسن العقاب بسلبه، وإن علم عدم التطافه به فليس بلطف حينئذ، وليس في سلبه فوت نفع للمكلف ولا وقوع ضرر عليه؛ فلا يكون عقوبة.
  قلت: الذي يأتي على أصل القائلين بعدم وجوب اللطف أنَّ سلبه وعدم إيصاله إلى من لا يلتطف لا يصح أن يكون عقوبة؛ إذ لو صح لسقط من عقابه بقدر تلك العقوبة؛ إذ من شأن المعاقبة إسقاط ما يستحق بمقابلها من العقاب، ولا قائل إنه يسقط من عقاب الكفار والفساق بقدر ما فاتهم من منافع اللطف الذي سلبوه. وإنما لم يفعل لهم اللطف لعدم أهليتهم له واستحقاقهم إياه؛