الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[هل يصح أن يتقدم اللطف على الملطوف فيه وأن يكون من فعل غير الله]

صفحة 548 - الجزء 1

  عنه، وهو في سياق الكلام على ماهية العصمة وبيانها في حق الأنبياء والملائكة؛ فلا يصح قوله: فيما هم معصومون عنه؛ لأنه لا يؤخذ في التعريفات اسم المعرف ولا ما هو مأخوذ منه؛ لئلا يلزم الدور، مع أنه يرد عليه ما ورد على عبارة الماتن من عدم شمول الطرفين: الطاعة والمعصية، فصواب العبارة: يلتطفون في فعل كل واجب وترك كل محرم غالباً.

  وقيل: بل معنى عصمة الأنبياء والملائكة $ هي بُنْيَة مخصوصة ركبهم الله عليها، فهم لمكانها ينفرون عن المعاصي ويرتاحون إلى الطاعات. روي هذا عن الإمامية، وحكاه الشارح عن الإمام يحيى #. والصحيح الأول، وهو أنها من قبيل الألطاف، لكن يفارقون غيرهم من جهة العموم كما ذكرنا، وغيرهم لا طريق لنا إلى العلم بذلك في حقه إلا من أخبر النبي ÷ بعصمته، كأهل الكساء $. وإنما قلنا: الصحيح الأول لأنه يلزم على القول الأخير أن لا يستحق الأنبياء والملائكة $ ثواباً ولا مدحاً؛ إذ لا مشقة عليهم مع ذلك حيث لم يفعلوا إلا ما يشتهونه، ولا يتركون إلا ما ينفرون عنه.

  وقالت المجبرة والرافضة: بل العصمة في حقهم $ هي المنع من فعل المعصية، كما قالوه في عصمة غيرهم، ويمكن أن يفرقوا بعد ذلك بأنها في حق الملائكة والأنبياء $ عامة، وفي غيرهم لا دلالة على العموم؛ ولهذا ينازعنا المجبرة في عصمة الوصي وسائر أهل الكساء $ ما خلا الرسول ÷.

  والجواب: أن هذا بناء على الجبر وقد فُرِغ من إبطاله.

فرع: [هل يجوز الدعاء بالعصمة على حد عصمة الأنبياء والملائكة]:

  وإذا كانت العصمة في حق الأنبياء والملائكة كما ذكر عن جمهور العدلية أو كما ذكر عن غيرهم، فهل يصح ويجوز من المكلف الدعاء بالعصمة وطلبها على حد عصمة الملائكة والأنبياء $ أم لا؟