الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

الدليل على أن القرآن محدث مخلوق:

صفحة 617 - الجزء 1

  على هذا أنه # سمع ذلك الكلام بالرِّجْلَيْن ونحوهما مما لا يجوزه عاقل، ولأنه تعالى علق حصول الكلام على وصول موسى البقعة المباركة؛ لقوله تعالى: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ}⁣[طه ١١]، وما تعلق حصوله على حصول محدَث فهو محدَث، وأيضاً يلزمهم أنه تعالى تحيز في كل الجهات، وأُدرك بجميع الحواس والجوارح؛ لأن الكلام قائم به سبحانه لديهم، فلا يدرك الكلام حينئذ إلا بإدراك ما هو قائم به وملامسته تعالى، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

  من لم يكن آلُ النبي هداته ... لم يأت فيما قالَه بدليلِ

  بل شبهةٌ وتوهمٌ وخيالةٌ ... ومقالةٌ تُنبي عن التضليل

الدليل على أن القرآن محدَث مخلوق:

  قال #: (وأما قولي: إنه مُحْدَثٌ) فلدليل العقل ودليل السمع:

  أما العقل: (فلأنه فعل من أفعاله تعالى) وإلا لما صح نسبته إلى الله تعالى والإخبار بأنه من عنده ø؛ لأنا إذا فرضنا قدمه كان نسبته إلى الله تعالى كنسبته إلى غيره، بجامع أن الكل لم يفعله ولم يؤثر فيه أي أثر، فلا يصح أن يقال: هو من عند الله ولا أنه كلام الله، والإجماع على بطلان القول بأنه ليس من عند الله أو ليس كلامه على الجملة، وعلى كفر من قال بذلك (والفاعل متقدم على غيره بالضَرورة) وإلا لم يكن أحدهما فاعلاً والآخر مفعولاً بأولى من العكس (وما يتقدمه غيره فهو) مسبوق الوجود بغيره؛ فيجب الحكم عليه بأنه (محدث) بلا مرية؛ لأن ذلك حقيقة المحدَث.

  دليل آخر: وهو ما ذكره # بقوله: (ولأن بعضه متقدم على بعض) فإن قوله: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ١ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} متقدم فيه جملة آية البسملة على آية الحمدلة، ومتقدم كلمات كل من الآيتين بعضها على بعض، ومتقدم حروف كل كلمة منها بعضها على بعض، (وذلك) أي: التقدم والتأخر