[أدلة حدوث الأجسام وأن لها محدثا]
  في السماء كيف يشاء، ثم يفتح له أبواب السماء فيسيل الماء على السحاب، ثم تمطر السحاب بعد ذلك، قال: ويدل عليه قول أمير المؤمنين #: أما بعد: فإن الأمر ينزل من السماء إلى الأرض كقطر المطر، والله أعلم بالحقيقة. انتهى كلامه، والمسك ختامه.
  قلت: لا مانع - والله أعلم - من صحة كل واحد من هذه الأقوال، فليس فيما يدل على أحدها دلالةٌ على نفي ما عداه، والله أعلم.
  (و) كذلك (النبات) ما ينبت ويخرج من الأرض من المرعى وغيره، (و) كذلك (الثمار المختلفات) زرعاً ونخيلاً وأعناباً وقضباً وزيتوناً ونحو ذلك من الاختلاف الذي يتعذر أو يتعسر حصره، (وكل ذلك) أي: وجودها مع اختلافها (دلائل الحدوث) وهو أن وجودها بعد عدم.
[أدلة حدوث الأجسام وأن لها محدِثًا]:
  (وإذا كانت محدَثه فلا بد لها من مُحدِث)
  واعلم أرشدك الله تعالى أنه لا خلاف في حدوث كثيرٍ من أصناف العالم كالحوادث اليومية، وإنما الاختلاف والنزاع في الأجسام، وقد استدلَّ أصحابُنا على حدوثها بأدلة كثيرة، منها هذا الدليل الذي ذكره الأمير #، ويسمى دليل الاختلاف، وتحريره على أربعة أصول:
  الأول: أن هذه الأجسام مختلفة. الثاني: أن اختلافها دليل على حدوثها. الثالث: أن المحدَث لابد له من محدِث غيره. الرابع: أن المحدِث ليس إلا الفاعل المختار، وهو الله تعالى لا غيره.
  أما الأصل الأول: فهو معلوم بالضرورة (لأنها قد اشتركت في الجسمية) وهو أنها أجسام ذات طول وعرض وعمق، فهذا حاصل في جميع أجسام الحيوانات وغيرها (ثم افترقت هيئآتها وصورها؛ فننظر سماء، وأرضاً،