الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[وجه وجوب اعتقاد إمامة الحسنين على كل مكلف]

صفحة 204 - الجزء 2

[فصل:] في إمامة الحسنين بعد أبيهما $

[وجه وجوب اعتقاد إمامة الحسنين على كل مكلف]:

  اعلم أنه جعل أئمتنا $ وجوب اعتقاد إمامتهما بعد أبيهما من جملة أصول الدين الواجب على كل مكلف معرفتها، ولابد من معرفة الوجه الذي لأجله وجب ذلك كما قلنا في إمامة أبيهما $: إن وجه وجوبها أنها تنبني عليها معرفة إمام العصر في كل دهر إلى منقطع التكليف، وقد ذاكرت في ذلك بعض علمائنا وساداتنا فلم يبد لذلك وجهاً في وجوب ذلك الاعتقاد على من لم يعاصرهما @؛ إذ غاية ما يلزم فيما ظهر وجوب اعتقاد إمامتهما على من عاصرهما؛ لما يترتب على ذلك من وجوب طاعتهما والكون معهما على عدوهما، هذا، ولا ريب ولا خلاف بين جميع العترة $ وسائر الزيدية والإمامية والمعتزلة وجمهور الأشعرية أنهما الإمامان بعد أبيهما، ولم يخالف في ذلك إلا الخوارج وبعض الأشعرية المصححون لإمامة معاوية اللعين، واليزيدية القائلون بإمامة يزيد الخَمُور المهين، ولا يلتفت إلى خلاف هؤلاء؛ لمصادمة قولهم قول رب العالمين: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}⁣[البقرة ١٢٤].

  ولكن كلامنا في معرفة وجه وجوب اعتقاد إمامتهما على كل مكلف لم يذكرهما @، ولم أجد من نص على ذلك، مع أنه لابد من وجه لأجله وجبت معرفته كما في سائر المعارف، فإن معرفة الله وجبت لأنها يترتب عليها صحة شكره تعالى على ما أنعم، أو لأنها لطف كما مر تحقيق ذلك. ومعرفة النبي وجبت لأنه ينبي عن الله تعالى بيان كيفية الشكر الواجب عقلاً، أو لأنها لطف كما مر أيضاً. ومعرفة حدوث القرآن وكونه كلام الله تعالى ملاحظة التوحيد القديم، وليعلم أنه من عنده تعالى ولم يكن كلام غيره. ومعرفة إمامة أمير المؤمنين # بعد رسول الله ÷ لأنها أساس كل إمامة بعدها إلى يوم الدين. ومعرفة إمامة