[في استحقاق الثواب والعقاب على الطاعة أو المعصية عقيب فعلها]
  قال # رداً على المجبرة: لنا تصويب العقلاء من طلب المكافأة على الإحسان، وتصويب من عاقب المسيء على الإساءة. قال الشارح: فلولا أن العقل يحكم بهذا الاستحقاق لما صوبوه.
[في استحقاق الثواب والعقاب على الطاعة أو المعصية عقيب فعلها]:
  مسألةٌ: ويستحق الثواب والعقاب على الطاعة أو المعصية عقيب فعلهما، لكن قضت حكمة الحكيم سبحانه بتأخير ما المصلحة في تأخيره إلى اليوم الموعود، كما قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}[فاطر ٤٥] وجاز تقديم بعض الثواب أو العقاب، كما دل عليه قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} يعني في الدنيا {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[النحل ٩٧] يعني في الآخرة، وقوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ} أي: النقائض والجوائح في الثمار ونحوها {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الروم ٤١].
  وقد ذهب أهل الموافاة كما حكاه عنهم في القلائد، قال الشارح: وهم جماعة من البغداديين كهشام الفوطي، وبشر بن المعتمر إلى أن الثواب والعقاب واستحقاقهما يتعلقان بالموافاة، واختلفوا في تفسيرها، فقيل: موافاة الموت، وقيل: موافاة العرصة، وقيل: موافاة الإعادة. وبعضهم فرق بين الطاعة والمعصية، فجعل الموافاة شرطاً في استحقاق العقاب على المعصية، دون الثواب فيستحق عقيب فعل الطاعة. وبعضهم جعل ذلك شرطاً فيمن علم الله من حاله أنه سيوافي بالطاعة أو المعصية فيستحق الثواب أو العقاب عقيب الفعل، ومن علم من حاله عدم الموافاة بهما لم يستحق عليهما في الحال شيئاً، هكذا حكاه في القلائد وشرحها.