قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

تفسير آيات التزيين

صفحة 115 - الجزء 1

تفسير آيات التزيين

  قوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ له سُوءُ عَمَلِهِ فَرآهُ حَسَناً}⁣[فاطر: ٨].

  المعنى أن المنهمكين في المعاصي قد سيطرت عليهم الشهوات، وغلبتهم الأهواء، فصاروا لذلك إنما ينظرون إلى أعمالهم بعين الهوى والشهوة، فما توافق مع أهوائهم وشهواتهم استحسنوه، وراج في أسواقهم، وما خالف ذلك نفروا عنه، وكسد عندهم.

  ودليل ما ذكرنا أن الله تعالى وصف الكافرين والمنافقين بأنهم صم بكم عمي لا يعقلون، وما ذاك إلا لما ذكرنا من سيطرة الشهوات والأهواء على حواسهم ومشاعرهم وعقولهم، حتى صاروا كالأنعام لا يهمهم إلا إشباع شهواتهم وإدراك ملذاتهم، ومن هنا قال تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُون ١٧٩}⁣[الأعراف]، وحينئذ فالمزين لهم سوء الأعمال هو شهوات النفوس الأمارة بالسوء وأهواؤها، لا فطر العقول.

  لزيادة الإيضاح نقول: إن في نفس كل مكلف داعيين اثنيين هما:

  ١ - داعي الشهوة.

  ٢ - داعي العقل.

  فداعي الشهوة: يدعو إلى فعل كل ما تشتهيه النفس وترغب فيه من المآكل والمشارب والمناكح والتسلط و ... إلخ، وتستحسن النفس كل ذلك وتميل إليه، وترغب فيه، ولا تلتفت النفس في نيل شهواتها إلى قانون أو شريعة، هذا هو داعي النفس الأمارة بالسوء، وعملها الذي جبلت عليه.

  وبجانب هذا الداعي داع آخر، هو داعي العقل والحكمة، ووظيفتُهُ الدعاءُ إلى ترك ما تدعو إليه النفسُ من المساوئ والرذائل والقبائح و ... إلخ.