معاني القضاء
  أما المعاصي فإنها ناتجة عن تسويل النفس في ما تشتهي، وعن تزيين الشيطان، وتماماً كما قال تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}[الأنفال: ٤٨]، وقال سبحانه في ما حكى: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}[يوسف: ١٨]، وقال تعالى: {فَطَوَّعَتْ له نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيه ...}[المائدة: ٣٠].
معاني القضاء
  القضاء في اللغة يكون لعدة معان منها:
  ١ - الخلق كما في قوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}[فصلت: ١٢].
  ومنه قول أبي ذؤيب:
  وعليهِما مَسْرُودتانِ قَضاهُما ... داودُ أَو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ
  ٢ - بمعنى الإلزام والحكم كما في قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}[الإسراء: ٢٣] ومن ذلك: قضى القاضي بكذا، أي حكم وألزم.
  ٣ - بمعنى الإعلام والإنهاء كما في قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ}[الحجر: ٦٦].
  ٤ - بمعنى الفراغ، ومنه قول القائل: قضيت حاجتي، أي: فرغت.
  ٥ - بمعنى الأداء، تقول: قضيت ديني.
  وقد يجيء لغير ذلك كقولهم: قضى نحبه، أي: مات، وضربه فقضى عليه، أي: قتله، و ... إلخ.
  إذا عرفت ذلك فيجوز أن يقال: إن الله تعالى قضى بالطاعات بمعنى ألزم بها وحكم بوجوبها، لا بمعنى خلقها، خلافاً للمجبرة فقالوا: إنه بمعنى خلقها.
  وكذلك يقولون في المعاصي: إن الله تعالى قضى بها بمعنى خلقها.
  ويؤخذ الجواب عليهم مما سبق، ونزيد على ذلك فنقول: لو كان الله تعالى هو الذي تولى خلق الطاعات والمعاصي دون العبيد لما أمر ونهى، ولما رغب بالثواب العظيم وتوعد بالعذاب الأليم.