تفضل الله تعالى على عباده في الآخرة
  الْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَجَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَيْهِ مُضَاعَفَةَ الثَّوَابِ، تَفَضُّلًا مِنْهُ وَتَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِيدِ أَهْلُهُ).
  وقال #: (فَوَاللَّهِ لَوْ حَنَنْتُمْ حَنِينَ الْوُلَّهِ الْعِجَالِ، وَدَعَوْتُمْ بِهَدِيلِ الْحَمَامِ، وَجَأَرْتُمْ جُؤَارَ مُتَبَتِّلِي الرُّهْبَانِ، وَخَرَجْتُمْ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ الْتِمَاسَ الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ فِي ارْتِفَاعِ دَرَجَةٍ عِنْدَهُ، أَوْ غُفْرَانِ سَيِّئَةٍ أَحْصَتْهَا كُتُبُهُ، وَحَفِظَتْهَا رُسُلُهُ، لَكَانَ قَلِيلًا فِيمَا أَرْجُو لَكُمْ مِنْ ثَوَابِهِ، وَأَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ عِقَابِهِ، وَتَاللَّهِ لَوِ انْمَاثَتْ قُلُوبُكُمُ انْمِيَاثاً، وَسَالَتْ عُيُونُكُمْ مِنْ رَغْبَةٍ إِلَيْهِ أَوْ رَهْبَةٍ مِنْهُ دَماً، ثُمَّ عُمِّرْتُمْ فِي الدُّنْيَا مَا الدُّنْيَا بَاقِيَةٌ، مَا جَزَتْ أَعْمَالُكُمْ عَنْكُمْ - وَلَوْ لَمْ تُبْقُوا شَيْئاً مِنْ جُهْدِكُمْ - أَنْعُمَهُ عَلَيْكُمُ الْعِظَامَ، وَهُدَاهُ إِيَّاكُمْ لِلْإِيمَانِ).
  وفي دعاء علي بن الحسين @ في الصحيفة قريب من ذلك.
  قال شارح الأساس: وفي كلام قدماء العترة $ من هذا المعنى كثير، انتهى.
  واستدل المخالفون لنا في هذه المسألة - وهم المعتزلة - بقوله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٥٤}[الأنعام]، ومعنى كتب أوجب كقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}[البقرة: ١٨٣].
  قلنا: شبه الله تعالى رحمته لعباده التي هي قبوله توبة التائبين بالواجب المحتوم، إيذاناً منه تعالى للمكلفين وإعلاماً بأنه لا يخلف ذلك الوعد ولا يبدل فيه القول، فعبر الله تعالى عن هذا المعنى ودل عليه بكلمة كتب التي تفيد التحتم والوجوب.
  والذي يدل على صحة هذا التأويل أمور:
  ١ - ما تقدم من الآيات وكلام أمير المؤمنين #.
  ٢ - ما سبق من أن الطاعات شكر على النعم.