قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الرد على من قال: لا يعلم المتشابه إلا الله

صفحة 162 - الجزء 1

  ٥ - قوله تعالى في آخر آية المتشابه: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ ...}⁣[آل عمران: ٧] يدل على أن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه وتفسيره، وذلك لأن الواو ظاهرة في العطف.

  فإن قالوا: ورد الوقف على الجلالة عن النبي ÷ وعن السلف.

  قلنا: الوقف لا يمنع من العطف؛ بدليل صحة الوقف على آخر آية، مع أن بعدها حرف العطف في كثير من الآيات، وبدليل جواز الوقف على أوساط الآي.

  وحينئذ فمثل ذلك لا يمنع من العطف، وإنما يمنع من صحة العطف ما ذكره أهل المعاني والبيان من كمال الانقطاع، أو كمال الاتصال، أو شبه الكمالين، وذلك معدوم هنا.

  وعلى هذا فالوقف على الجلالة الذي روي عن النبي ÷ إنما يراد به الأدب والتعظيم لله جلا وعلا والتفريق بين علم الله تعالى وعلم عباده.

  هذا، مع أن واقع المسلمين يشهد لما ذكرنا فإن في القرآن آيات كثيرة يستدل بها أهل الضلال على ضلالهم، ويستغوون بها الناس، في حين أن أهل الحق يفسرون تلك الآيات بالتفسير الصحيح المتوافق مع الحق.

  ولم نجد أحداً من علماء المسلمين توقف عند تفسير آية من القرآن، أو نهى أو منع من تفسيرها بعلة أنها من المتشابه.

  أما عدد الزبانية وحملة العرش، والحروف المقطعة وما أشبه ذلك - فلم يؤثر عن أحد من علماء المسلمين في جميع العصور أنه استنكر على غيره تفسير شيء من ذلك، أو ضَلَّله أو كَفَّرَه بسبب ذلك، وعلى الجملة فلم يكن ذلك منشأ ضلال وفتنة فيما نعلم.