قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

في خلود الفساق في نار جهنم

صفحة 269 - الجزء 1

  والزنا يترتب عليه مفاسد لا يعلم مداها إلا الله تعالى، وذلك أن الولد الحاصل من الزنا تكون طبيعته الشر، والقسوة والغلظة، وكذلك ما تناسل منه، فما حصل من فساد تلك الذرية في الأرض فإنه ناتج من فساد ذلك الزنا، وهكذا سائر الكبائر.

  وحينئذ فيكون الجزاء لمرتكب مثل ذلك الذي يموت مصراً على كبيرته هو الخلود في النار جزاءً وفاقاً.

  ٦ - المكلفون منقسمون إلى قسمين: طيب. وخبيث.

  فالطيب: له مغفرة ورزق كريم في جنات النعيم.

  والخبيث: سيجمع الله بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم، كما نطق بذلك القرآن.

  والمعلوم أن الآخرة دار جزاء، لا يمكن الخبيث أن يزكي نفسه بها، ولا أن يتدارك نفسه فيها بتوبة أو عمل صالح. {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ٥٢}⁣[سبأ].

  وعذاب جهنم لا يزكي النفس، ولا يطهرها، فلا تصير النفس به زاكية بعد أن كانت خبيثة، يدل على ذلك قوله تعالى في صفة أهل النار: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}⁣[الأنعام: ٢٨].

  وقوله تعالى في الحكاية عن أهل النار: {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ ١٠٦ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ١٠٧ قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ١٠٨}⁣[المؤمنون].

  وقوله تعالى: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً ٣٠}⁣[النبأ].

  وقوله تعالى حكاية: {... أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ٣٧}⁣[فاطر].

  إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة في هذا الباب، يوضح ما ذكرنا أن عذاب جهنم عذاب غضب وانتقام، وما كان كذلك فلا يراد به تصفية النفوس