قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الشريعة

صفحة 156 - الجزء 1

  وأما نحو قوله تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}⁣[الحج: ٧٨] وقوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}⁣[الأنعام: ٩٠]؛ فالمراد بذلك ما الحق فيه واحد لا يتغير، كـ: الإيمان بالله، وبكتبه ورسله واليوم الآخر، وإيثار طاعة الله، وملازمة الصبر والتقوى.

  يدل على ما ذكرنا الحديث المشهور: «أعطيت خمساً لم يعطهن نبي قبلي ... الحديث»⁣(⁣١).

الشريعة

  المراد بالشريعة الأحكام الخمسة: الوجوب، والندب، والإباحة، والحظر، والكراهة.

  وتؤخذ هذه الأحكام الخمسة من الكتاب والسنة بلا خلاف بين الأمة.

  وزاد أئمتنا $ والجمهور مصدراً ثالثاً وهو القياس، فقالوا: إنه دليل تؤخذ عن طريقه الأحكام الشرعية المذكورة، وقالت الإمامية والظاهرية والخوارج وغيرهم: لا يجوز العمل بالقياس.

  والجواب من وجوه:

  ١ - من المعلوم الذي لا يشك فيه ذوو العقول أنه لا فرق بين أن ينص الشارع على تحريم الخمر والنبيذ المسكر وبين أن ينص على تحريم الخمر وينص على أن علة تحريمه الإسكار.

  ٢ - ان الذي قصه الله تعالى علينا من قصص أمم الأنبياء À في كتابه الكريم يراد به العبرة والعظة.

  فكأن الله تعالى يقول: لا تفعلوا مثل أفعالهم فيلحقكم مثل ما لحقهم، فهذا هو الذي يريده الله تعالى مما قص علينا في القرآن من القصص، وفي ذلك من الإشارة الواضحة إلى القياس ما لا يخفى على الناظر، ومن ذلك قوله تعالى: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ٢}⁣[الحشر].


(١) الحديث بهذا اللفظ في أغلب كتب الحديث، وهو بلفظ: «أعطيت ثلاثاً ... إلخ» في مسند الإمام زيد # في باب السواك وفضل الوضوء، وتيسير المطالب (٧٨)، وأصول الأحكام (٦٧) وغيرها.