قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

خطايا الأنبياء À

صفحة 242 - الجزء 1

  غير أن ذلك قد كان منه عن غير جرأة ولا إقدام ولا قصد، ولا هو عن خطأ ونسيان أيضاً.

  فيظهر لي أن ذلك من الصغائر التي تفضل الله على عباده المؤمنين بالتجاوز عنها في جنب طاعاتهم واجتنابهم للمعاصي.

  هذا، ويمكن أن يلحق بالخطأ والنسيان والله أعلم، وقريب مما ذكرت - حكاه البستي⁣(⁣١) - عن الناصر # أنه قال: إن كل من ارتكب ما حرم الله عمداً مع علمه أن الله حرمه وكذلك ما حرم رسول الله ÷، وكذلك ما حرمت الأمة، إذا ارتكب مع العلم متعمداً فهو مرتكب الكبيرة، وما سوى ذلك صغائر، كإتباع النظرة النظرة، والكذب في غير إضرار، وكاللكزة الخفيفة وقول القائل لأخيه: أخزاه الله، أو يقول: يا كذاب، وهو في ذلك غير متعمد، وما أشبه ذلك، فإحصاء جميعه يكثر .... انتهى.

  قلت: وينبغي أن يكون مراد الناصر # حين عدد بعض الأمثلة هو ما صدر من المعاصي عن طريق الغفلة وعدم التحفظ، من غير أن يكون للإنسان فيه نية ولا عزم في فعل المعصية.

  وذلك كالشتم الذي يصدر من كثير من العوام من غير أن يكون له في ذلك نية في تنقيص المشتوم أو وصمه أو سبه.

  بل إنما كانت هذه الشتمة بسبب دخولها في لغته التي نشأ عليها في مجتمعه.

خطايا الأنبياء À

  وخطايا الأنبياء À لا عمد فيها؛ وذلك لمكان العصمة والطهارة والتزكية، وما وقع منهم فإنما هو عن طريق الخطأ والنسيان، كما حكى الله تعالى عن آدم: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ١١٥}⁣[طه]، قال الهادي #: أي عزماً على المعصية، وإنما ارتكبها ناسياً. انتهى.


(١) إسماعيل بن أحمد البستي |. من بُسَتْ بلد بسجستان، وهو الإقليم المعروف المتاخم لبلاد الهند، وهو من فقهاء الناصرية وله تأليف على مذهب الناصرية. (باختصار من هامش عدة الأكياس/ ج ٢).