قصد السبيل إلى معرفة الجليل،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

وجوب الإيمان والتصديق بحكمة الله في المقادير

صفحة 297 - الجزء 1

  ٢ - في قتل الغلام ما حكاه الله تعالى من سلامة الأبوين من الدخول في الكفر والطغيان.

  ٣ - في ذلك سلامة الطفل من الدخول في الكفر والطغيان وذلك بموته صغيراً.

  ٤ - بصبر الأبوين على ما أصابهما من قتل ولدهما يستحقان الثواب العاجل وتعويضهما ببدل هو خير منه زكاة وأقرب رُحماً.

وجوب الإيمان والتصديق بحكمة الله في المقادير

  إذا عرفت ذلك؛ فاعلم أنه يجب الإيمان والتصديق بأن لله تعالى حكماً بالغة ومصالح عظيمة في كل ما تجري به المقادير من خير كسعة الأرزاق، وكثرة الأمطار، ورخص الأسعار، وصحة الأبدان، وكثرة الأولاد، وما أشبه ذلك، وكل ما تجري به المقادير من شر كالأمراض والأسقام والموت والفقر والجدب و ... إلخ.

  نعم، اسم الشر هنا إنما هو على حسب الظاهر، وإلا فالواقع أنه خير وحكم ومصالح عائدة إلى الناس، غير أنها خفية، كما سبق في قصة الغلام.

  فهذا الذي ذكرنا وشرحنا هو القدر الذي أراده الله تعالى ورسوله ÷، لا ما تذكره المجبرة القدرية.

  ومما يؤيد ما ذكرنا ويبطل قول المجبرة القدرية: أن الله تعالى تمدح بذكر القدرة ومدح نفسه بذلك، وهو تعالى حكيم عليم لا يتمدح إلا بما فيه مدح وثناء وحُسن، وفعل القبائح مما يذم به صاحبه، ولا يصح التمدح به.

  وبعد، فإن الله تعالى قال: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ٢}⁣[الفرقان] فعطف بالفاء القَدر على الخلق، وفي ذلك دليل على صحة ما نقول وبطلان قول المجبرة، وذلك من حيث أن الآية تفيد أن التقدير إنما حصل بعد الخلق، والمجبرة تقول: إن القَدر متقدم على الخلق، ولا مخرج لهم من هذا الدليل الواضح، ولا جواب لهم عليه، اللهم إلا التعصب وتقليد السلف.