الإيمان بالله تعالى
  وفي بعض ما تلونا دعوةٌ إلى النظر في مشاهد هذا الكون، وصيحاتٌ تنبه الغافلين، وتوقظ النائمين، استيقظوا، انظروا، تلفتوا، تفكروا، تدبروا، إنَّ هنالك إلهاً ومدبراً، إن وراء ذلك قدرة عظيمة، ومدبراً حكيماً، فكأنما كانت هذه الآيات في هذا الجزء يداً قوية تهز الغافلين، وتوجه أنظارهم وقلوبهم إلى هذه الخلائق العجيبة التي تنادي بما وراءها من التدبير والتقدير.
  نعم، مركوز في الفطرة أن المسببات مربوطة بأسبابها، وأن الحوادث ناتجة عن فاعلها، ومن هنا قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ ٥٨ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ٥٩}[الواقعة]، {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ٦٨ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ٦٩}[الواقعة].
  أمَّا وجود الأشياء من غير موجد البتة فذلك مرفوض عند العقل، ولا تقبله الفطرة، وعلى هذا أهل الملل بأسرها، وإنما اختلفوا في الذي ترتب عليه الوجود.
  فمنهم من قال: طبيعة، ومنهم من قال: عقل، ومنهم من قال: إنه نجم، ومنهم من قال: إنه علة، ومنهم من يقول: إنه فاعل مختار.