نظرات في ملامح المذهب الزيدي وخصائصه،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

شبهة أخرى وجوابها في كلام الله تعالى

صفحة 41 - الجزء 1

شبهة أُخرى وجوابها في كلام الله تعالى

  هذا، ومما يستدلون به على أن الكلام صفة ذات، وأن الله تعالى لم يزل متكلماً بالحروف والأصوات قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ١٠٩}⁣[الكهف].

  والجواب: أن المقصود بهذه الآية سعة علم الله فلا نفاد له، وليس المقصود كثرة الحروف والأصوات، فلا مدح في ذلك، بل من المتعارف عند الناس أن كثرة الكلام منقصة، فلا يمتدح الله تعالى بما فيه نقص عند المخاطبين، بل إن الكلام يعد عبثاً إذا لم يكن موجهاً لأحد، أو لم يكن ثم مخاطب يتلقى الكلام، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

المحكم والمتشابه وكيفية رد المتشابه إلى المحكم

  والله سبحانه وتعالى قد أخبرنا جملة أن في القرآن محكماً وأن هذا المحكم: هو أم الكتاب، وأن فيه متشابهاً، ثم أشار سبحانه وتعالى عند ذكر المتشابه إلى أنه سيقع الاختلاف في تأويله، وهذه الآية في المحكم والمتشابه، والإشارة إلى ما قلناه قال تعالى في أوائل سورة آل عمران: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ