الأيدي واليدان
  نعم، إنما أوردنا هذه الآيات والإلزامات للظاهرية، لنبطل مذهبهم، من أن الواجب حمل الألفاظ الشرعية على ظاهرها مطلقاً، وفي ما ذكرنا إبطال لمذهبهم على الجملة.
  قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}[المائدة: ٦٦]، فقد تعلق أهل الظاهر بهذه الآية وأثبتوا لله يدين اثنتين، وأئمتنا $ وموافقوهم قالوا في تفسير ذلك: إن اليهود عليهم اللعائن وصفوا الله ﷻ بالبخل وعبروا عن ذلك على طريق الكناية التي هي أبلغ من التصريح بقولهم: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}، ورد الله سبحانه عليهم بطريق الكناية أيضاً بأبلغ من كنايتهم حيث ثنى اليدين.
  هذا، وغل اليد وبسطها كنايتان عن الإمساك والإنفاق في الاستعمال العربي، وقد جاءت في القرآن، قال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ٢٩}[الإسراء]، معنى هذه الآية هو معنى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ٦٧}[الفرقان].