نظرات في ملامح المذهب الزيدي وخصائصه،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

تتمة للبحث في اليد

صفحة 48 - الجزء 1

تتمة للبحث في اليد

  وقالت المشبهة: إن لله تعالى يداً تليق بجلاله، زادوا قولهم تليق بجلاله فراراً من التشبيه، ولا مهرب لهم في ذلك ما داموا واصفين ربهم بحقيقة اليد، والقبضة، والأصابع، هذا وعظم اليد وكبرها لا ينفي التشبيه، فإنهم مهما بالغوا في وصف اليد والأصابع حتى جعلوا السموات على أصبع والأرضين على أصبع الخ ما جاءوا به من التفصيل، فإنهم لم يخرجوا من التشبيه والتجسيم، وكبر الأصابع زيادة في تحقيق التجسيم، ومبالغة في التشبيه، تعالى الله عما يقول الجاهلون علواً كبيراً.

  والحق الذي عليه علماء الزيدية في قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}⁣[الزمر: ٦٧]، أنها تصوير لقدرة الله تعالى العظيمة تقريباً إلى تفهيم البشر بعض عظمة الله وقدرته التي لا يحيط بها فهمهم، وذلك عن طريق الكناية التي هي أبلغ من التصريح، وليس ثمة قبضة، ولا يمين، ولا أصابع، وهذا كقولنا: فلان في يد فلان.

  أما الأحاديث التي رويت في تفسير قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}، فيجب أن تفسر بالتفسير الذي فسرت به الآية القرآنية، وإلَّا وجب طرحها، وذلك لأنها من الأخبار الآحادية، وأخبار الآحاد لا تفيد إلا الظن، والمطلوب فيما نحن فيه هو العلم.