الأعين
  والذي يدل على صحة هذا التفسير هو ما ثبت من أن الله تعالى ليس بجسم كما قدمنا من بيان الدلالة على ذلك عقلاً وسمعاً كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}، فحين تعذر المعنى الحقيقي فسرنا ذلك بالمعنى المجازي الذي جاء في غاية الحسن وغاية الكمال، في التعبير عن قدرة الله العظيمة، وتصويره لذلك بالصورة المحسوسة تقريباً إلى الفهم البشري القاصر.
الأعين
  إذا كانت الأعين في قوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}[القمر: ١٤]، بالمعنى الحقيقي محالاً، لاستلزامها التجسيم والتشبيه، وكان قولهم: له جل وعلا أعينٌ حقيقة بلا كيف محالاً بمقتضى العقل والفطرة.
  إذاً يتعين المجاز، والقرينة: العقل، والمعنى: بحفظنا وكلاءتنا، من المجاز المرسل، ويشهد لهذا المعنى السياق، والذوق السليم.
  أمَّا إذا حملناها على الظاهر اختل المعنى وبطل، وانظر معي في قوله تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}، في وصف سفينة نوح # إذا حملت على الظاهر كما يقوله المخالفون أفادت الآية أن لله تعالى أكثر من عينين، وأن السفينة تجري في هذه الأعين، والواقع ليس كذلك، إذ أنها تجري بهم في موج كالجبال، وكذلك قوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا}[هود: ٣٧]، الواقع أنَّ نوحاً # صنع الفلك على وجه الأرض من الألواح والدُّسُرِ، ولم يصعد إلى العرش الذي يستقر عليه