نظرات في ملامح المذهب الزيدي وخصائصه،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

العرش والكرسي

صفحة 51 - الجزء 1

  وقولهم: الإيمان به واجب، إن أرادوا حقيقة الاستواء ففاسد، لاستحالة ذلك على الله بحكم العقل، وإن أرادوا ذلك مع عدم الكيف فلا يصح التصديق بالمحال.

  وإن أرادوا أنَّا نؤمن به على حسب المعنى الذي أراده الله تعالى، وإن لم نعلمه تفصيلاً، فإن إثباتهم لحقيقة الاستواء ينافي هذا الفرض والتقدير، وهكذا إثبات اليدين، والعينين، والوجه، بدون الكيف.

  فإن كانت بمعانيها الحقيقية لزم اعتقاد المحال؛ لاستحالة المعاني الحقيقية بدون الكيف، ومع الكيف يلزم التجسيم.

  نعم، عندنا أن الإيمان بالشيء متفرع على معرفته، فيلزمنا أولاً: أن نعرف ما أريد بهذا اللفظ، هل معناه الحقيقي أو المعنى المجازي، فإذا كان المعنى الحقيقي مستحيلاً فلا يكون جحوده تعطيلاً وكفراً كما يقوله المخالفون.

العرش والكرسي

  والعرش عند أئمتنا هو: الملك، في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}⁣[الأعراف: ٥٤]، وفي قوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ١٧}⁣[الحاقة] ونحوهما. نطقت بهذا الاستعمال العرب العرباء، والقرآن نزل بلغتهم، قال الشاعر العربي:

  إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم ... بعتيبة بن الحارث بن شهاب

  والكرسي المذكور في قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}⁣[البقرة: ٢٥٥]، معناه العلم؛ كما يدل عليه