نظرات في ملامح المذهب الزيدي وخصائصه،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

شبهة في خلق الأفعال وجوابها

صفحة 74 - الجزء 1

  وقوله تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}⁣[الكهف ٤٩]، ويلزم من القول به نفي العدل والحكمة عن الحكيم سبحانه وتعالى، وقد كثر القيل والقال في هذه المسألة بين الجبرية والعدلية، وطال النزاع والجدال عبر قرون كثيرة، وامتلأت صفحات الكتب الأصولية - علم الكلام - والتفاسير ووضعت لذلك كتب خاصة.

  وبعد، فالقائلون بهذه المقالة قد نسبوا إلى ربهم كلَّ فاحشةٍ وكلَّ قبيح وكلَّ معصية، ونزَّهُوا أنفسَهُم من ذلك، ونزَّهُوا الشيطان، وقالوا: كلُّ زنا وكلُّ معصية وقعت فالله تعالى هو الذي فعله وخلقه وشاءه وقدَّرَهُ ليس لأحد فعل، ولم يلتفتوا إلى آيات القرآن التي ترد عليهم وتكذبهم، وكم في القرآن من أمثال قوله تعالى: {تَصْنَعُونَ}، {تَفْعَلُونَ}، {تَعْلَمُونَ}، {تُكَذِّبُونَ}، {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}، {تَدَّعُونَ}.

شبهة في خلق الأفعال وجوابها

  في مختصر العقيدة الواسطية [ص ٢٣] قوله: وأنه خالق أفعال العباد، والطاعات والمعاصي، ومع ذلك فقد أمر العباد ونهاهم، وجعلهم مختارين لأفعالهم غير مجبورين عليها، بل هي واقعة بحسب قدرتهم وإرادتهم.

  والجواب: أن هذا القول قد جمع بين أمرين متنافيين لا تقبله الفطرة، ولا يُصَدِّقُ به العقل، خلق الله فعل العبد معناه أوجده، وفعله العبد بإرادته واختياره معناه أوجده.