نظرات في ملامح المذهب الزيدي وخصائصه،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

معنى الإيمان بالقدر خيره وشره

صفحة 76 - الجزء 1

  وجميع المعاصي كلها من الله، فهذا ليس من القدر الذي يجب الإيمان به، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

  فلا يجوز أن نرتكب الفواحش ثم نقول إنها من الله وبقدره، بل نحن الذين عصينا باختيارنا، وفعلنا وأتينا من قبل أنفسنا، نحن المسؤولون عن العصيان، والله تعالى منزه عن فعلنا، لا يرضى لعباده الكفر، ولا يحب الفساد، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} الآية. {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}⁣[النساء: ٥٨].

  وبعد فإنه ليس في كتاب الله تعالى أن فعل المعاصي بقدر من الله تعالى، بل فيه قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}⁣[التوبة: ٥١]، وليس فيه: لن تصيبوا إلا ما كتب الله عليكم، ولله در من قال: ما استغفرت الله منه فهو منك، وما حمدت الله عليه فهو منه، وفرق واضح بين يصيبنا وتصيبوا، وفي حديث رواه الإمام أبو طالب، ورواه مسلم في صحيحه عن النبي ÷، وفي آخر الحديث «فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه».

  فعلى هذا المسؤول عن فعل المعاصي هو الإنسان، وليس لقدر الله وقضائه دخل في ذلك، وفي حديث عن النبي ÷: «والشر