نظرات في ملامح المذهب الزيدي وخصائصه،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

شبهة وجوابها

صفحة 82 - الجزء 1

  وكأن هذه الآية نزلت للرد على أهل تلك المقالة، الذين ادَّعَوا أنَّ الفسقة مؤمنون، وأنَّ فسقهم بارتكاب الكبائر غيرُ مُزيلٍ لاسم الإيمان، فهم مؤمنون وإن فسقوا، ثم ادعاؤهم ثانياً دخولهم الجنة إما ابتداءً وإما بعدَ تطهيرهم بقدر ذنوبهم، وقد رَدَّ الله سبحانه عليهم وعلى أشباههم من الأولين والآخرين بقرآن يتلى إلى يوم القيامة: ... {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ}، فهذه الآية التي تلوناها قاطعة لدابر الباطل، وحاسمة لأماني المتمنين، ودالة على أنه لا تساوي بين المؤمنين والفاسقين، لا في الدنيا ولا في الآخرة، وقد سمعت في الآية ذكر ما لكلٍّ في يوم الجزاء. وقال الله سبحانه: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}⁣[الحجرات: ٦]، وهذه الآية تبين لنا عدم تساوي المؤمن والفاسق في الدنيا، وقال سبحانه: {بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ}⁣[الحجرات: ١١]، وفي هذه الآية دليل على ما قلنا، وشاهد لما قدمنا، فتأمل ذلك.

  وقال سبحانه في القاذف: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}⁣[النور: ٤]، وقذف المحصنات من الكبائر، وفي هذه الآية بيان حكم صاحب هذه الكبيرة في الدنيا، فتبين بما ذكرنا انتفاء تساوي صاحب الكبيرة والمؤمن في أحكام