تتمة في الخروج من النار
  ولا من خلفه، وحاشا رسول الله ÷ أن يخالف بحديثه القرآن، فالواجب ترك ما خالف القرآن وتكذيبه إن لم يمكن تفسيره بما يوافق القرآن، وهذه النصوص واضحة وصريحة في رد تلك الدعاوي والأماني الكاذبة.
  {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}، فالآية قد اشتملت على ثلاث جمل:
  الجملة الأولى - في تسمية مزاعم اليهود والمسلمين آنذاك بالأماني، والأماني كما هو معروف بضاعة النوكى - أي الحمقى -، ومعناها: التسلية بالوعد الكاذب، والتخيلات البعيدة، وقد كان في صدر الإسلام بين المسلمين واليهود مجادلة حول الخروج من النار، والأولوية بذلك فنزلت هذه الآية، وسمى ذلك بالأماني ونفاها وردها أبلغ الرد.
  الجملة الثانية - البت بالحكم وقطع الأماني فقال تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}، فحكم حكماً عاماً لليهود وللمسلمين ولغيرهم من المتمنين من الأولين والآخرين، فجاء بلفظ {مَنْ} ومعناها: أي أحد يعمل سوءاً يجزى به، فشملت الأمة المحمدية وغيرهم، وهذا هو المناسب لعدل الله وحكمته، فليس بين الله وبين أحد من خلقه هوادة، فحكمه في الأولين والآخرين واحد، فهذه الجملة تحذير من التساهل بالمعاصي، وتحذير من الركون إلى الأماني الكاذبة.