بحث في الجهل والتعطيل
بحث في الجهل والتعطيل
  واعلم أن الذين يفسرون ما قدمنا في حق الله سبحانه وتعالى بما يفسر به في المخلوق فقد شبهوا الله تعالى وجهلوا خالقهم، وذلك كفر نعوذ بالله منه، والسبب في ذلك هو إعراضهم عن أهل بيت نبيهم À.
  ثم اعلم أنَّ التعطيل هو إنكار الصفات رأساً ونفيها عن الباري تعالى.
  أما نفي صفات المخلوقين عن الخالق جل وعلا فهو عين التوحيد، وليس بتعطيل كما يقوله المخالفون.
  وقد فسروا صفات الله تعالى كلها على حسب ما يعهدون ويشاهدون، فصوروا الله تعالى بصورة المخلوقين، فأثبتوا له وجهاً وعيناً وجنباً ويدين ورجلين، ووصفوه بالصعود والنزول، والمجيء والاستقرار على العرش، والحلول في الغمام والمجيء فيه، وجعلوا كلَّ ذلك ثابتاً له تعالى حقيقة.
  فحين ألزموهم بالتشبيه والتجسيم، هربوا من ذلك بقولهم: بلا كيف، مفارقة بزعمهم بين الخالق والمخلوق.
  ومذهبهم هذا قد جمع بين التشبيه والتعطيل، وبيان ذلك: أنهم أثبتوا لله تعالى ما أثبتوه على الحقيقة، فلزمهم التشبيه والتجسيم.
  وعطَّلُوا خالقهم عن صفات الإلهية، و تلك الصفات الإلهية التي عطلوا خالقهم عنها هي معنى قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}، {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}.