(4) خروجه مع عمه أبي طالب إلى الشام
(٤) خروجه مع عمه أبي طالب إلى الشام
  لما توفي عبد المطلب قام ابنه أبو طالب وزوجته فاطمة بنت أسد بكفالة رسول الله ÷، واهتمَّا به غاية الاهتمام.
  فلما بلغ رسول الله ÷ اثنتي عشرة سنة عزم عمه أبو طالب على الخروج إلى الشام بتجارة له، ثم أخذه معه وخرج في جماعة من قريش حتى وصلوا إلى أرض بصرى(١) بين مكة والشام نظر إليهم راهب اسمه (بحيرا) من صومعته، وكان قد قرأ الكتب السابقة وعرف بعثة الرسول ÷ وصفته، فرآهم مقبلين من مكة على رؤوسهم سحابة تسير إذا ساروا وتقف إذا وقفوا، فقال: ما هذه السحابة إلا على رأس نبي، وأمر من عنده بإعداد الطعام.
  ونزل القوم عند شجرة عند باب الدير(٢)، والنبي ÷ مع عمه تحت الشجرة وقد مال ظلها عليه ووقفت السحابة على الشجرة، وبحيرا ينظر فقال لهم: يا معشر قريش، أجيبوني إلى الطعام، وكان أبو جهل معهم فقال: ما عهدنا هذا منه. فأجابوه ودخلوا، فنظر بحيرا فإذا السحابة على الشجرة وقال: هل تخلف أحد عن طعامي؟ فقالوا: نعم، غلام يتيم يقال له محمد، فقال: لا بأس على أمتعتكم، فهلموه، فدعوا رسول الله ÷ فجاء إلى جنب عمه أبي طالب، وجعل بحيرا يتبين العلامات التي عرفها.
  فلما فرغوا خلا بحيرا بأبي طالب وقال: يا شيخ، ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني(٣)، قال: لا ينبغي أن يكون له أب ولا أم ولا جدّ في الأحياء، قال: صدقت، ابن أخي، قال: اتق الله واحذر عليه أعداءك اليهود.
(١) مدينة في سوريا تبعد من درعا ٤٠ كم، وتبعد من دمشق ١٤٠ كم.
(٢) الدير: دار الرهبان النصارى، وهي البيعة التي تسمى اليوم كنيسة.
(٣) رواه في المصابيح لأبي العباس الحسني.