(6) عصمة النبي ÷ وتعبده ودين آبائه
(٦) عصمة النبي ÷ وتعبده ودين آبائه
  كان النبي ÷ قبل أن يأتيه الوحي مؤيَّدًا بعناية الله ورعايته، فلم يفعل طول تلك الفترة ما يُعاب به من إثم لا كبير ولا صغير، فكان في الغاية من الطهارة والكرامة والحياء والرحمة والصدق والأمانة، واشتهر بين قريش بالصادق الأمين، وكان ينفر عن عبادة الأصنام والذبح لها، وينفر عن أفعال المشركين، وينعزل بنفسه في غار في رأس جبل بعيد من مكة اسمه (غار حراء)، يتعبد الله تعالى في هذا الغار شهرًا في كل سنة، وقد كان آباؤه من قبله يتعبدون في هذا الغار، فهم لم يكونوا مثل قريش يعبدون الأصنام، بل كانوا يعبدون الله تعالى على دين إبراهيم. عن جعفر بن محمد # قال: قال علي #: (ما عبد أبي ولا جدي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنمًا قط). قيل: وما كانوا يعبدون؟ قال: (كانوا يصلون إلى البيت على دين إبراهيم الخليل متمسكين به).
  وعن جعفر بن محمد # قال: قال رسول الله ÷: «يبعث عبد المطلب يوم القيامة أمة وحده»، قال: «وكان لا يستقسم بالأزلام، ولا يعبد الأصنام، ويقول: أنا على دين إبراهيم»(١). وعن النبي ÷: «إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأمي وعمي أبي طالب».
  فقد اختاره الله تعالى من أفضل القبائل وأشرف البيوت، فكان قبل البعثة أوسط الناس نسبًا، وأشرفهم أمًّا وأبًا، وأزكاهم عقلًا، وأكرمهم أخلاقًا، وأحسنهم سيرة، وأوفاهم وأصدقهم وأحلمهم وأعظمهم أمانة، وأكملهم على الإطلاق.
  وحين كان كذلك اختاره الله لتبليغ رسالته؛ لعلمه تعالى بقوته على حملها وصبره على تبليغها، وعظيم رحمته بالناس ونصحه لهم، وتواضعه وكرم أخلاقه، قال رسول الله ÷: «إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني
(١) المصابيح في السيرة.