كتاب الحج والعمرة،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[آداب الطواف]

صفحة 145 - الجزء 1

  فَلَا حُكْمَ لَهُ فِي شَوْطٍ أَوْ أَكْثَرَ.

  فَقَالَ الإِمَامُ أَبُو طَالِبٍ، - وَهْوَ المُقَرَّرُ لِلْمَذْهَبِ -: إِنَّ الشَّوْطَ كَالرُّكْنِ فِي الصَّلَاةِ، فَيَعْمَلُ فِيْهِ بِظَنِّهِ المُبْتَدَأ وَالمُبْتَلَى، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ظَنٌّ بَنَى عَلَى الأَقَلِّ، وَالطَّوَافُ كَالرَّكْعَةِ، وَالْحَجُّ كَالصَّلَاةِ.

  وَرُوِيَ عَنِ المَنْصُورِ باللهِ أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ هُنَا بِاليَقِيْنِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرُ مُفْسِدَةٍ، وَهْوَ الرَّاجِحُ.

  وَالْمُخْتَارُ: الْبِنَاءُ عَلَى اليَقِيْنِ، مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الشَّوْطِ وَالطَّوَافِ وَالرُّكْنِ وَالرَّكْعَةِ؛ لِمَا رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ $ فِي الرَّجُلِ يَهِمُ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَدْرِي أَصَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيُتِمَّ عَلَى الثَّلَاثِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِمَا زَادَ مِنَ الصَّلَاةِ.

  وَفِي خَبَرِ أَبِي سَعِيْدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْهُ ÷: «فَلْيَبْنِ عَلَى اليَقِينِ وَلْيُلْقِ الشَّكَّ»، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُمَا.

  وَمَا فِي بَعْضِ الأَخْبَارِ مِنَ الأَمْرِ بِالتَّحَرِّي، فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَسْتَطِيْعُ الْبِنَاءَ عَلَى اليَقِيْنِ، بَلْ يَتَسَلْسَلُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ حَالِ مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِم الأَوْهَامُ وَالشُّكُوكُ.

  وَالأَخْبَارُ وَارِدَةٌ فِي الصَّلَاةِ، وَلَكِنَّ الطَّوَافَ بِالأَوْلَى؛ إِذْ لَا فَسَادَ فِي الزِّيَادَةِ فِيْهِ كَمَا ذُكِرَ، واللهُ سُبْحَانَهُ وَلِيُّ التَّوْفِيْقِ.