(في التباس يوم عرفة)
  وَأَمَّا إِذَا وَقَفَ يَوْمَيْنِ فَهْوَ الِاحْتِيَاطُ، وَلَا إِشْكَالَ أَنَّ الوُقُوفَ قَدْ أَجْزَاهُ.
  وَأَمَّا إِنْ كَانَ اللَّبْسُ بَيْنَ التَّاسِعِ وَالعَاشِرِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى.
  فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ظَنٌّ، قَالَ الإِمَامُ المَهْدِيُّ: «فَظَاهِرُ كَلَامِ الأَصْحَابِ: أَنَّهُ يَقِفُ يَوْمَيْنِ أَيْضًا؛ كَمَا تَقَدَّمَ».
  قُلْتُ: وَهْوَ المَذْهَبُ، وَهْوَ عَلَى ظَاهِرِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الإِمَامُ المَهْدِيُّ؛ إِذْ لَا وَجْهَ لِوُقُوفِ يَوْمَيْنِ فِي هَذِهِ الصُّوْرَةِ.
  قَالَ: «لَكِنَّ الوَاجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقِفَ هَذَا اليَومَ الَّذِي وَقَعَ فِيْهِ اللَّبْسُ، هَلْ هُوَ تَاسِعٌ أَمْ عَاشِرٌ؟ فَإِنِ انْكَشَفَ أَنَّهُ تَاسِعٌ أَجْزَاهُ، وَإِنِ انْكَشَفَ أَنَّهُ عَاشِرٌ - وَلَمْ يَكُنْ قَدْ حَصَلَ لَهُ ظَنٌّ - فَالأَقْرَبُ أَنَّهُ يُجْزِيْهِ؛ إِذْ لَا يَقِفُ إِلَّا لِظَنٍّ وَبِنَاءٍ مِنْهُ عَلَى الأَصْلِ».
  قُلْتُ: وَالمَذْهَبُ أَنَّهُ إِنْ وَقَفَ لَا بِظَنٍّ وَلَا بِنَاءٍ عَلَى الأَصْلِ لَمْ يُجْزِهِ، وَمَتَى عَمِلَ بِظَنِّهِ أَجْزَاهُ مَا لَمْ يَتَيَقَّنِ الْخَطَأَ وَالوَقْتُ بَاقٍ، فَإِنْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ مِنْ بَعْدِ أَنْ وَقَفَ العَاشِرَ أَجْزَاهُ عَلَى المَذْهَبِ؛ خِلَافُ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَتُؤَخَّرُ الأَيَّامُ فِي حَقِّهِ عَلَى الصَّحِيْحِ، وَلَا تَلْزَمُهُ الدِّمَاءُ.
  وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَا يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يَقِفَ بِتَحَرٍّ أَمْ لَا، إِنْ وَقَفَ بِغَيْرِ تَحَرٍّ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا أَنْ تَنْكَشِفَ الإِصَابَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ اليَقِينِ، وَإِنْ كَانَ بِتَحَرٍّ فَإِنَّهُ يُجْزِيْهِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنِ الْخَطَأَ وَالوَقْتُ بَاقٍ، وَحَيْثُ يُجْزِيْهِ تَتَأَخَّرُ الأَيَّامُ فِي حَقِّهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ عَلَى الأَصَحِّ؛ لِلإِجْمَاعِ. وَلَا فَرْقَ