(فصل: في الإفاضة [من عرفات])
  وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ١٩٩}[البقرة].
  وَتَقْصِدُ فِي سَيْرِكَ بِسَكِيْنَةٍ وَوَقَارٍ، وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ مَوْقِفِي، وَزَكِّ عَمَلِي، وَسَلِّمْ لِي دِيْنِي، وَتَقَبَّلْ مَنَاسِكِي.
  فَإِذَا وَصَلْتَ الْمَأْزِمَيْنِ قُلْتَ: اللهُ أَكْبَر اللهُ أَكْبَر - سَبْعَ مَرَّاتٍ - اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى خِيْرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ مُحَمَّدٍ الأَمِينِ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، إِلهِي إِلَى مَا هَا هُنَا دَعَوْتَنِي، وَبِمَا عِنْدَكَ وَعَدْتَنِي، وَقَدْ جِئْتُكَ بِتَوفِيْقِكَ وَفَضْلِكَ، فَارْحَمْنِي وَتَجَاوَزْ عَنِّي، وَامْنَحْنِي تَوفِيْقَ الْمُتَّقِينَ، وَإِخْلَاصَ العَارِفِينَ، وَهِدَايَةَ الْمُوْقِنِينَ، وَاسْتِغْفَارَ الوَجِلِيْنَ، وَاعْمُرْ قَلْبِي بِذِكْرِكَ، وَلِسَانِي بِشُكْرِكَ، وَاسْتَعْمِلْ جَوَارِحِي فِي رِضَاكَ، وَأَغْنِنِي عَنْ مَدِّ يَدِي إِلى سِوَاكَ؛ بِفَضْلِكَ وَكَرَمِكَ.
  وَفِي خَبَرِ جَابِرٍ: «وَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ ÷ وَقَدْ شَنَقَ(١) بِالْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ(٢)، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى «أَيُّهَا النَّاسُ، السَّكِيْنَةَ السَّكِيْنَةَ»، كُلَّمَا أَتَى جَبَلًا مِنَ
(١) قال النووي في (شرح مسلم) (٨/ ١٥٢) ط: (دار الكتب العلمية): «مَعْنَى شَنَقَ: ضَمَّ وَضَيَّقَ، وَهْوَ بِتَخْفِيفِ النُّونِ».
(٢) قال النووي (٨/ ١٥٢): «قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْمَوْرِكُ، وَالْمَوْرِكَةُ - يَعْنِي بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الرَّاءِ - هُوَ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُثْنِي الرَّاكِبُ رِجْلَهُ عَلَيْهِ قُدَّامَ وَاسِطَةِ الرَّحْلِ إِذَا مَلَّ مِنَ الرُّكُوبِ. وَضَبَطَهُ الْقَاضِي [عياض] بِفَتْحِ الرَّاءِ. قَالَ: وَهْوَ قِطْعَةُ أُدُمٍ يَتَوَرَّكُ عَلَيْهَا الرَّاكِبُ، تُجْعَلُ فِي مُقَدَّمِ الرَّحْلِ شِبْهُ الْمخَدَّةِ الصَّغِيرَةِ.
وَفِي هَذَا: اسْتِحْبَابُ الرِّفْقِ فِي السَّيْرِ مِنَ الرَّاكِبِ بِالْمُشَاةِ، وَبِأَصْحَابِ الدَّوَابِّ الضَّعِيْفَةِ».