(فصل: النسك الثامن: المرور بالمشعر الحرام، والمقصود به هنا: المزدلفة كلها)
  وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَوْضِعُهَا جَمْعًا لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، ثُمَّ نَهَضَ حِيْنَ طَلَعَ الْفَجْرُ فَوَقَفَ عَلَى الْضَّرِبِ(١)، الَّذِي يُقَالُ لَهُ (قُزَحُ)، وَوَقَفَ النَّاسُ حَوْلَهُ، وَهْوَ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِذِكْرِهِ عِنْدَهُ»، إِلَى آخِرِهِ.
  وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ حَقِيْقَةٌ فِي أَحَدِهِمَا، مَجَازٌ فِي الآخَرِ، مِن إطْلَاقِ اسْمِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ، أَو الْعَكْسِ، وَمَنْ لَمْ يُحَقِّقْ هَذَا اضْطَرَبَ فَهْمُهُ.
  وَقَدْ نَظَّرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى كَلَامِ الإِمَامِ فِي تَحْدِيْدِ الْمَشْعَرِ، وَسَبَبُهُ مَا ذَكَرْتُ لَكَ.
  قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَتَبِعَهُ الْمَقْبَلِيُّ: إِنَّ الْمَشْعَرَ وَالْمُزْدَلِفَةَ وَجَمْعًا ثَلَاثَةُ أَسْمَاءَ لِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ.
  وَنُقِلَ عَنِ الزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «هُوَ قُزَحُ أَو الْمُزْدَلِفَةُ جَمِيْعُهَا».
  وَقَالَ: «قُزَحُ: هُوَ الْجَبَلُ الَّذِي يَقِفُ عَلَيْهِ الإِمَامُ».
  وَفِي (المِصْبَاحِ): «وَالمَشْعَرُ الْحَرَامُ: جَبَلٌ بِآخِرِ مُزْدَلِفَةَ، وَاسْمُهُ قُزَحُ». انْتَهَى(٢).
(١) قلت: ككتف، واحد الضِّرَاب، وهي الروابي؛ أي الجبال الصغار. تمت من المؤلّف (ع).
(٢) وقال في (المصباح) أيضًا: «(قُزَحُ): جَبَلٌ بِمُزْدَلِفَةَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ؛ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعَدْلِ عَنْ قَازِحٍ تَقْدِيرًا، وَأَمَّا قَوْسُ قُزَحٍ فَقِيلَ يَنْصَرِفُ لِأَنَّهُ جَمْعُ قُزْحَةٍ مِثْلُ غُرَفٍ جَمْعُ غُرْفَةٍ».