(فصل: في الحج عن الميت)
  فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ تَسْتَفْتِيهِ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ ÷ يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فَرِيْضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ، أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»».
  وَلَمْ يَسْأَلْهَا عَنِ الوَصِيَّةِ، وَهْوَ فِي مَقَامِ البَيَانِ، وَفِي مَعْنَاهُ أَخْبَارٌ.
  وَفِي (البَحْرِ) عَنِ الْعِتْرَةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ، وَمَالِكٍ: لَا يَصِحُّ بِدُونِ وَصِيَّةٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩}[النجم]، وَلِخَبَرِ: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيْهِ أَحَادِيْثُ.
  وَقَالَ الإِمَامُ المَنْصُورُ باللهِ، وَالمُؤَيَّدُ باللهِ، وَالأَمِيْرُ الْحُسَيْنُ $: إِنَّهُ يَصِحُّ مِنَ الوَلَدِ بِدُونِ وَصِيَّةٍ؛ لِخَبَرِ الْخَثْعَمِيَّةِ وَغَيْرِهِ، وَهْوَ الرَّاجِحُ.
  وَكَذَا مِنَ الأَخِ وَنَحْوِهِ؛ لِخَبَرِ شُبْرُمَةَ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ $، وَفِيْهِ قَالَ: «أَخٌ لِي»، وَسَيَأْتِي(١).
(١) في الكلام على الشرط الثاني من شروط الأجير.