كتاب الحج والعمرة،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[محل ابتداء التلبية]

صفحة 52 - الجزء 1

  أَحْرَمَ لَكَ بِالْحَجِّ شَعَرِي وَبَشَرِي، وَلَحْمِي وَدَمِي، وَمَا أَقَلَّتِ الأَرْضُ مِنِّي، وَنَطَقَ بِذَلِكَ لِسَانِي، وَعَقَدَ عَلَيهِ قَلْبِي. ثُمَّ يَقُولُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكْ. لَبَّيْكَ ذَا المَعَارِجِ لَبَّيْكَ، وَضَعَتْ لِعَظَمَتِكَ السَّمَوَاتُ كَنَفَيْهَا، وَسَبَّحَتْ لَكَ الأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْهَا، إِيَّاكَ قَصَدْنَا بِأَعْمَالِنَا، وَلَكَ أَحْرَمْنَا بِحَجِّنَا، فَلَا تُخَيِّبْ عِنْدَكَ آمَالَنَا، وَلَا تَقْطَعْ مِنْكَ رَجَاءَنَا».

  وَفِي (الأَحْكَامِ) أَيْضًا: «فَإِذَا اسْتَوَيْتَ عَلَى ظَهْرِ البَيْدَاءِ ابْتَدَأْتَ التَّلْبِيَةَ، وَرَفَعْتَ بِهَا صَوْتَكَ رَفْعًا حَسَنًا مُتَوَسِّطًا يَسْمَعُ مَنْ أَمَامَكَ وَوَرَاءكَ»، وَذَكَرَ التَّلْبِيَةَ الأُوْلَى، وَزَادَ: «لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ».

[محل ابتداء التلبية]

  قُلْتُ: اخْتُلِفَ فِي مَحَلِّ ابْتِدَاءِ التَّلْبِيَةِ، وَقَدْ أَوْضَحَ ابْنُ عَبَّاسٍ ® السَّبَبَ فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ÷ حَاجًّا، فَلَمَّا صَلَّى بِمَسْجِدِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ أَهَلَّ، فَسَمِعَ ذَلِكَ أَقْوَامٌ فَحَفِظُوا عَنْهُ، ثُمَّ رَكِبَ، فَلَمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ أَهَلَّ، فَأَدْرَكَهُ أَقْوَامٌ فَحَفِظُوا عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا كَانُوا يَأْتُونَهُ أَرْسَالًا⁣(⁣١)،


(١) «الرَّسَلُ - بِفَتْحَتَيْنِ -: الْقَطِيعُ مِنْ الْإِبِلِ، وَالْجَمْعُ: أَرْسَالٌ، مِثْلُ: سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ، وَشُبِّهَ بِهِ النَّاسُ، فَقِيلَ: جَاءُوا أَرْسَالًا، أَيْ جَمَاعَاتٍ مُتَتَابِعِينَ». من (المصباح).