(تنبيه: حكم المريد لأحد النسكين وغير المريد)
  وَفِي (شَرْحِ التَّجْرِيْدِ) عَنِ (المُنْتَخَبِ): أَنَّ مَنْ جَاوَزَ المِيْقَاتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْرِمَ فِيْهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ وَيُحْرِمَ مِنْهُ، فَإِنْ لَم يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ لِعُذْرٍ قَاطِعٍ أَحْرَمَ وَرَاءَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الْحَرَمِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُهْرِقَ دَمًا. إِلَى آخِرِهِ.
(تَنْبِيْهٌ: حُكْمُ المُرِيْدِ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ وَغَيْرِ المُرِيْدِ)
  اعْلَمْ أَنَّ المُرِيْدَ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ المُجَاوَزَةُ لِلْمِيْقَاتِ إِلَى الْحَرَمِ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ إِجْمَاعًا.
  وَأَمَّا مَنْ لَا يُرِيْدُ أَيَّهُمَا فَفِيْهِ خِلَافٌ؛ فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا تَحْرُمُ المُجَاوَزَةُ، عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيْلُهُ.
  وَعِنْدَ الصَّادِقِ، وَالإِمَامِ النَّاصِرِ، وَأَبِي العَبَّاسِ مِنَ العِتْرَةِ، وَأَخِيْرِ قَوْلَي الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ، وَلَا يَلْزَمُ الإِحْرَامُ إِلَّا القَاصِدَ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ.
  اسْتَدَلَّ الأَوَّلُونَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة ٢]، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُ الإِحْرَامِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ المُجَاوَزَةَ إِنَّمَا هِيَ بِإِحْرَامٍ. كَذَا فِي (البَحْرِ) وَغَيْرِهِ، وَفِيْهِ مَا لَا يَخْفَى.
  وَأُجِيْبَ بِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ تَحْرِيْمُ الصَّيْدِ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ}[المائدة: ١]، وَلَا إِحْرَامَ إِلَّا عَنْ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ، وَأَخْبَرَ بِإِبَاحَتِهِ لَهُمْ إِذَا حَلُّوا، فَلَا دَلِيْلَ فِي الآيَةِ عَلَى الْمَطْلُوبِ.