[الدليل الثاني: السنة]
  ومنها: أن يقول: «من السنة(١) كذا»، فيكون حجة؛ لأنه يحمل على سنة الرسول ÷، دون غيرها؛ لأنهم يوردون ذلك احتجاجًا على من خالفهم، ولا يُحتج إلا بالكلام النبوي.
  وهذه دون ما قبلها؛ لكثرة استعمال السنة في الطريقة الراجحة؛ ولكن الظاهر هو الأول، والاحتمال لا يدفع الظهور.
  ومنها: أن يقول: «عن النبيء ÷، فيحتمل أنه سمعه منه، ويحتمل الإرسال(٢). قيل: بل الظاهر الإرسال؛ لأن العَنْعَنَةَ لا تستعمل إلا فيه(٣)، واستعمالها في غيره قليل.
  وهذه(٤) دون ما قبلها؛ لذلك(٥).
  ومنها: أن يقول: «كنا نفعل»، أو «كانوا يفعلون»، كقول عائشة: «كانوا لا يقطعون السارق على التافه(٦)»، فيحمل على أن المراد كنا نفعل، أو كانوا يفعلون في عهد الرسول ÷ مع علمه بذلك من غير إنكار(٧)، فيكون حجة،
(١) كقول علي #: (من السنة أن لا يقتل الحر بالعبد). من مجموع الهادي #.
(*) والأكثر على أنها سنة الرسول ÷، وأنه مرفوع؛ لأنه المتبادر عند الإطلاق. وقد نقل عن سالم التابعي - أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة - عن الصحابة أنهم إذا أطلقوا السنة لا يريدون بها إلا سنة النبيء ÷. وكانت هذه دون ما قبلها؛ إذ فيها احتمال التوسط واعتقاد ما ليس بسنةٍ سنةً، مع احتمال آخر قوي، وهو قوله: «يحتمل سنة الخلفاء»، وقوته لكثرة استعمال السنة في مطلق الطريقة. شرح غاية.
(٢) فلا نقطع بأيهما. وقال القاضي عبد الجبار: بل لا يحتمل إلا أنه سمعه من لسانه ÷، ولا يحتمل الإرسال. وقيل: لا يحتمل إلا الإرسال. قلنا: لا شك في أن اللفظ محتمل للإرسال والرفع، فيحمل عليهما، ولا وجه للقطع بأحد المحتملين من غير مرجح. معيار، وشرح السيد داود.
(٣) أي: غالبًا؛ بقرينة ما بعده.
(٤) والمختار، وعليه الأكثر: أنها حجة؛ لكونها ظاهرة في السماع منه ÷، وإن كانت دون ما قبلها؛ لكثرة استعمالها في التوسط، فلا تكون حجة إن لم يقبل المرسل. شرح غاية.
(٥) أي: لأن الظاهر الإرسال.
(٦) أي: في الشيء الحقير.
(٧) فيكون سنة تقرير. قسطاس.
(*) وقيل: لا يكون كذلك؛ لأنه قد يقال مثل ذلك لما يعتاده أكثر المسلمين والعلماء، بل الجماعة منهم، =