[الدليل الثاني: السنة]
  ويكون من باب قوله: من السنة. وقيل(١): إنما كان حجة لأنه ظاهر في قول كل الأمة، فيكون من باب الإجماع(٢).
  فعلى الأول: لا يكون حجة(٣) إلا من الصحابي؛ لأنه يتوقف على تقييده بعهد الرسول ÷. وعلى الثاني: يكون حجة ولو من تابعي.
  وأقول: لا يبعد أن يقبل منهما(٤)، ويكون حجة؛ فالصحابي لأنه من باب قوله: «من السنة»، والتابعي لأنه من باب الإجماع، وهذا واضح، والله أعلم.
  ومنها(٥): إذا قال الصحابي قولا أو فَعَلَ فعلا ولا يضيفهما إلى النبيء ÷، فإن كان مجتهدا، وللاجتهاد فيه مسرح - حُمِلَ على الاجتهاد، كأن يقول: يُحدُّ اللائطُ مائةَ جلدة، أو يقول: «نصاب الخضراوات ما قيمته مائتا درهم»، أو يقول: «من لم يجد ماءً ولا ترابًا فليتيمم بما صعد على الأرض(٦)» فهذا يحتمل الاجتهاد، وأنه سمعه(٧) منه، فلا يكون حجة.
  وإن لم يكن للاجتهاد فيه(٨) مسرح(٩)، أو كان ولكن الراوي ليس من
= سيما من له منصب الاقتداء، فلا يكون حجة. قلنا: الاحتمال لا يدفع الظهور. قسطاس.
(١) وهو المأخوذ من كلام ابن الحاجب، وصريح العضد.
(٢) وأجيب: بأنه لو كان من باب الإجماع لما ساغت المخالفة فيه، واللازم منتفٍ بالإجماع. ح فصول. قلنا: ظنيٌّ، فجازت مخالفته. ح السيد داود على المعيار. وقد ذكر هذا الكلام في مختصر المنتهى، ولفظ شرح الأصفهاني عليه: أجاب المصنف بأنها إنما ساغت مخالفته لأن طريقه ظني، والقطعي الذي طريقه ظني يجوز مخالفته، كخبر الواحد الذي يكون متنه نصًّا قطعيًّا فإنها تجوز مخالفته. وفي قول المصنف نظر؛ لأن الكلام في مراتب كيفية الرواية عن الرسول ÷، لا في الخبر عن الإجماع. والأولى أن يقال في بيانه: لظهور قول الصحابي في أنه أراد مع علم الرسول ÷ بذلك من غير إنكار، فيكون حجة.
(٣) أي: طريقًا من طرق الرواية.
(٤) أي: التابعي والصحابي.
(٥) أي: ومن الأمور المتعلقة بمعرفة الصحابي، وهو عطف على قوله: «منها العدالة»، وظاهر سياق كلامه أنه عائد على طرق رواية الصحابي، وفساده غني عن البيان.
(٦) وهو أن يمسح على حجر أو نحوها.
(٧) ولكن أحد الاحتمالين - وهو الاجتهاد - أظهر، فلا يكون حجة.
(٨) أي: في الحكم.
(٩) يعني: بأن كان طريقه التوقيف؛ يعني: أنه لا يعرف إلا بإيقاف الشارع عليه. معيار وقسطاس.