[الدليل الثاني: السنة]
  المجتهدين(١) - فإنه يحمل على التوقيف(٢)، أي: أنه سمعه منه ÷، لا أنه قاله تبخيتًا(٣)؛ تحسينًا للظن بالصحابي.
  مثال الأول: ما روي عن علي #: (أن الحيض ينقطع عن الحبلى؛ لأنه جعل رزقا للجنين(٤)).
  ومثال الثاني: ما روي أن أنَسًا قال: «أقل الحيض ستة أيام أو سبعة»؛ لأن أنسًا لم يكن مجتهدًا.
  فهذه جملة طرق الرواية من الصحابة، وقد استوفيناها لكثرة(٥) الفوائد التي فيها.
  وإن كان غير صحابي فطرق روايته(٦) (أربع(٧))، لكل واحد منها مستند(٨)، ولكلٍّ(٩) لفظٌ يروى به(١٠)، وهذه الأربع متفاوتة في القوة.
(١) الأولى: أن يقال: إن كان الراوي غير مجتهد لما للاجتهاد فيه مسرح فإنه لا يكون حجة؛ إذ يحتمل أنه سمعه من مجتهد فقلَّده، وهو قوي. وقد يقال: عدالة الصحابي غير المجتهد تمنعه عن الإطلاق؛ إذ هو تغرير، فإذا كان حاكيا لقول صحابي مجتهد فهو عارف، فيتحتم التصريح عليه بأنه قول مجتهد، ورفع هذا الاحتمال، فيكون كلام الشارح صحيحًا.
(٢) الكرخي يقول: إذا كانت المسائل اجتهادية، والقائل غير مجتهد - حمل قوله على التوقيف. وأبو طالب، والقاضي يقولان: يحمل على الاجتهاد: إما من إمام له، أو منه إن قلنا بتجزيء الاجتهاد. قسطاس.
(٣) التبخيت: هو اعتقاد الشيء هجومًا وخبطًا، لا لأمارة.
(٤) ونحو: أن يقول: «الضحى إنما هي ثمان ركعات». ح السيد داود على المعيار.
(٥) وحاصل طرق الرواية في الصحابي مجموعة في قول العلامة السيد محمد بن إسماعيل الأمير في «بغية الآمل»، شعرًا:
إن الصحابي إذا روى خبرًا ... عن البشير النذير خير بشر
حدثنا، ثم قال، ثم أمر ... ثم أمِرنا، وُقِيتَ كل ضرر
ثم من السنة، ثم عنه، وقل ... كنا، وكانوا، مقيدًا بخبر
(٦) يعني: التي متى حصل أحدها جاز لمن حصلت له أن يرويه. منهاج.
(٧) وعبارة القسطاس: وطرق الروايات أربع مراتب، متفاوتة في القوة، وفي كل مرتبة ألفاظ يُروى بها.
(٨) أي: ما يصح له من أجله أن يروي الحديث، ويقبل منه. عضد.
(٩) في المخطوط: «ولك واحد منها مستند ولفظ يروى به».
(١٠) أي: توقع الرواية به.