الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الثالث: الإجماع]

صفحة 131 - الجزء 1

  الاصطلاحي. أو يقال: بينهما عموم وخصوص من وجه، بمعنى: أنه يوجد الإجماع من دون اتفاق، كما إذا لم يكن في العصر من يُعتبر به⁣(⁣١) في الإجماع إلا واحد فقط⁣(⁣٢)، ويوجد الاتفاق من دون إجماع، كما إذا أجمع من ليس بمجتهد. ويجتمعان بأن يجمع المجتهدون⁣(⁣٣)، وهذا⁣(⁣٤) أولى من الأول، فتأمل!

  (والمختار) عند المحققين⁣(⁣٥): (أنه لا يشترط في انعقاده) أي: الإجماع (انقراض) أهل (العصر) المجمعين، ولا يعتبر ذلك، بل إذا اتفقوا ولو حينًا لم يجز لهم ولا لغيرهم⁣(⁣٦) مخالفته؛ إذ لم يَعْتَبِرِ الدليلُ⁣(⁣٧) على كونه حجة ذلك؛ لأنه عام يتناول ما انقرض عصره وما لم ينقرض، كما نبينه إن شاء الله تعالى.

  وقيل⁣(⁣٨): بل يشترط، وهو باطل؛ لما ذكرنا. ولأنه يلزم ألَّا ينعقد إجماع أصلًا؛ لتداخل⁣(⁣٩) القرون⁣(⁣١٠).


(١) «به» لا توجد في المخطوط.

(٢) قال في شرح ابن حابس: ولا أظن قوله وحده يسمى إجماعًا، وبه يُشعِر كلام المصنف.

(٣) فهو إجماع واتفاق.

(٤) لعله يريد: أن الأول يستلزم ألَّا يقع الإجماع الشرعي بواحد إذا لم يبقَ في العصر معتبر غيره، وليس بصحيح، والله أعلم. وكلام النجري في شرح القلائد يشير إلى هذا، بل كلام الشارح يفيده.

(٥) وهو قول أصحابنا، وأكثر الحنفية، والشافعية، والمعتزلة، والأشاعرة. شرح غاية.

(٦) الأولى: أن يقال: لا لهم ولا لغيرهم. شامي.

(٧) وهو قوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}⁣[النساء ١١٥]، وقوله ÷: «لن تجتمع أمتي على ضلالة»، وغيرهما.

(٨) وهو مذهب أحمد بن حنبل، والأستاذ أبي بكر بن فورك. شرح غاية.

(*) قالوا: لو لم يشترط لما جاز رجوع المجتهد عن اجتهاده، لكن الرجوع ثابت جائز؛ إذ وافق علي # الصحابة في منع بيع أم الولد ثم رجع عنه، قالوا: قال علي #: كان رأيي ورأي عمر ألا يبعن، وقد رأيت الآن أن يبعن، فقال عبيدة السلماني: رأيك مع الجماعة أحب إلينا من رأيك وحدك. ورد بالمنع، أي: لا نسلم ثبوت الرجوع، ولو سلم فلا نسلم ثبوت الإجماع قبل الرجوع؛ لأن كلام علي # وعبيدة إنما يدل على اتفاق جماعة عليه، لا على أنه قول كل الأمة، ويؤيده أن جماعة من الصحابة كابن مسعود وجابر بن عبد الله وابن الزبير وابن عباس في رواية عنه - قالوا بالجواز. شرح غاية.

(٩) واعلم أن ذلك التداخل غير واجب، بل غايته الجواز، فمن أين يلزم عدم تحقق الإجماع؟ ثم إنا إن قلنا: إن فائدة الاشتراط اعتبار موافقة اللاحقين ومخالفتهم فلا نريد انقراض المجمعين مطلقا، بل انقراض المجمعين الأولين، وإن قلنا: إن فائدته تمكن المجمعين من الرجوع فظاهر؛ لأن المجمعين هم الأولون، فالشرط انقراض عصرهم. قسطاس ومثله في شرح العضد.

(١٠) قال الجوهري: القرن من الناس: أهل زمان واحد، قال:

=