الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الثالث: الإجماع]

صفحة 132 - الجزء 1

  (و) المختار - أيضا -: أنه لا يشترط في (كونه(⁣١)) دليلا أنه (لم يسبقه خلاف)، بل إذا اختلف أهل العصر الأول على قولين - مثلا - واتفق أهل العصر الثاني على أحدهما بعد أن استقر خلافهم - فإن الإجماع يصير⁣(⁣٢) حجة قاطعة⁣(⁣٣) كما لو لم يسبقه خلاف مستقر.

  وقيل⁣(⁣٤): لا يكون حجة حينئذ⁣(⁣٥)؛ إذ الخلاف الأول يتضمن⁣(⁣٦) الإجماع على أن كلا القولين حق، فلو أجمع على أحدهما صار⁣(⁣٧) إجماعًا على أن ذلك الحقَّ خطأ، وهذا لا يصح.

  والمختار هو الأول؛ لوقوعه، كإجماعهم على عدم جواز بيع أم الولد بعد الخلاف فيه⁣(⁣٨)، ونحوه.

  ولا نسلم أن الخلاف الأول يتضمن ما ذكروا، بل هو مسكوت عنه. وإن


= إذا ذهب القرن الذي أنت فيهم ... وخُلِّفتَ في قرن فأنت غريب

(*) فإنه لا يفنى كبار قرن إلا وقد نشأ من يمكنه الخلاف. شرح معيار للسيد داود.

(١) المطابق لكلام المتن أن يقال: والمختار - أيضًا - أنه لا يشترط في انعقاده كونه لم يسبقه خلاف.

(٢) المناسب للمتن أن يقال: فإن الإجماع ينعقد.

(٣) وهو قول أكثر أئمتنا $، منهم: أبو العباس، وأبو طالب، وقول ابن سريج وأتباعه، وأبي علي، وأبي هاشم، وأبي الحسن الكرخي، وأبي الحسين وأبي عبد الله البصريين، والرازي، وابن الحاجب؛ لما تقدم من الأدلة الدالة على أن الأمة لا تجتمع في عصر على خطأ. شرح غاية.

(٤) جائز وقوعه، ولكنه لا يكون إجماعًا يجب اتباعه، وهو قول بعض المتكلمين، وبعض الحنفية والشافعية، ورواه أبو طالب عن الصيرفي. شرح غاية.

(٥) هذا الكلام يُشعر بأن الخلاف في حجيته، لا في وقوعه، والذي يؤخذ من كلام غيره أن الخلاف إنما هو في نفس الوقوع. قال المحلي: وأما الاتفاق بعد استقرار الخلاف من المجمعين فمنعه الإمام الرازي مطلقا، وجوزه الآمدي. ويمكن أنه أراد قول من قال بجواز الوقوع مع نفي كونه حجة قاطعة. قوله: «الوقوع» لا وجه لحصر الخلاف في نفس الوقوع؛ لأن في المسألة قولين: الأول: جواز الوقوع، ثم اختلف القائلون به؛ فقيل بحجيته إن وقع مطلقًا، وقيل بعدمها كذلك، وقيل بالحجية إن أجمع المختلفون. الثاني: منع الوقوع، والله أعلم. ذكر معناه في المعيار والقسطاس.

(٦) قلنا: لا نسلم اتفاق الأولين على تصويب كل منهما؛ لأن كل فرقة تجوز ما تقول وتنفي الآخر. حا.

(٧) الإجماع الآخر.

(٨) وكخلاف الصحابة في مسألة العول، واتفاق التابعين على أحد القولين. شرح غاية.