فائدة
  تَطْهِيرًا}[الأحزاب ٣٣]، وهم المقصودون بالآية(١)؛ بدليل خبر الكساء(٢).
  ووجه الاستدلال بالآية: أن الله تعالى أخبر بإرادة(٣) تطهيرهم من الرجس، وهي المعاصي؛ إذ الرجس يحتمل معنيين(٤) لا ثالث لهما: أحدهما: ما يستخبث من النجاسات والأقذار. والثاني: ما يستخبث من الأفعال القبيحة، أي: ما يستحق عليه الذم والعقاب.
  ولا يُمكن حمله على الأول؛ لأنهم فيه وغيرهم على سواء، فينجس منهم ما ينجس من غيرهم، وجماعتهم وآحادهم في ذلك على سواء، فتعين الثاني(٥).
  وإرادة ذلك إنما هو بواسطة العصمة؛ إذ لو كان بغير واسطة: فإما مع الاختيار(٦) فهم وغيرهم على سواء في ذلك، وإما مع الإلجاء فيرتفع التكليف، فتعين أنه بواسطة العصمة.
(١) فإن قيل: إذا لم يرد بها نساء النبيء ÷، ولا دخلن في المراد - كان المعنى: {وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[الأحزاب ٣٣] إن العترة إجماعهم حجة، وهو غير متلائم، لا يقع مثله في القرآن. قلنا: لا يلزم التنافر من عدم دخولهن؛ إذ لا شك في حسن تخصيصهن بالذكر، وتمييزهن بخطابه تعالى بما يرفع قدرهن، وتعليل ذلك باتصالهن برسول الله ÷ وبأولاده الذين طهرهم وأذهب عنهم الرجس، يوضح ما ذكرناه أن أكثر الرواة والمفسرين على أن الآية لم تنزل في نساء النبيء ÷، ولم يردن بها، ولو كان متنافرًا لما أطبقوا عليه، شرح غاية.
(٢) لأنه لما نزل قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب ٣٣]، لفَّ عليهم النبيء ÷ كساء، وقال: هؤلاء أهل بيتي. رفو.
(٣) وما أراد الله من أفعاله واقع اتفاقًا، وإنما الخلاف فيما أراده من أفعال العباد. والمراد بالتطهير: هو التطهير المعنوي؛ وهو العصمة من الباطل؛ ضرورة عدم التطهير من القذارة؛ فلو أجمعوا على باطل لما صدقت الآية. ودليل دعوى كون أهل البيت هم لا نساؤه ÷ تذكير الضمير. جلال على مختصر المنتهى.
(٤) والأقرب أنه حقيقة في الأول، مجاز في الثاني تشبيهًا بالأول. ح السيد داود.
(٥) وهو أنه تعالى طهرهم من الأفعال والأقوال المستخبثة، التي يستحق عليها الذم والعقاب. ح معيار للسيد داود.
(٦) أي: اختيارهم من الأفعال المستخبثة.