الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

فائدة

صفحة 141 - الجزء 1

  تَطْهِيرًا}⁣[الأحزاب ٣٣]، وهم المقصودون بالآية⁣(⁣١)؛ بدليل خبر الكساء⁣(⁣٢).

  ووجه الاستدلال بالآية: أن الله تعالى أخبر بإرادة⁣(⁣٣) تطهيرهم من الرجس، وهي المعاصي؛ إذ الرجس يحتمل معنيين⁣(⁣٤) لا ثالث لهما: أحدهما: ما يستخبث من النجاسات والأقذار. والثاني: ما يستخبث من الأفعال القبيحة، أي: ما يستحق عليه الذم والعقاب.

  ولا يُمكن حمله على الأول؛ لأنهم فيه وغيرهم على سواء، فينجس منهم ما ينجس من غيرهم، وجماعتهم وآحادهم في ذلك على سواء، فتعين الثاني⁣(⁣٥).

  وإرادة ذلك إنما هو بواسطة العصمة؛ إذ لو كان بغير واسطة: فإما مع الاختيار⁣(⁣٦) فهم وغيرهم على سواء في ذلك، وإما مع الإلجاء فيرتفع التكليف، فتعين أنه بواسطة العصمة.


(١) فإن قيل: إذا لم يرد بها نساء النبيء ÷، ولا دخلن في المراد - كان المعنى: {وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}⁣[الأحزاب ٣٣] إن العترة إجماعهم حجة، وهو غير متلائم، لا يقع مثله في القرآن. قلنا: لا يلزم التنافر من عدم دخولهن؛ إذ لا شك في حسن تخصيصهن بالذكر، وتمييزهن بخطابه تعالى بما يرفع قدرهن، وتعليل ذلك باتصالهن برسول الله ÷ وبأولاده الذين طهرهم وأذهب عنهم الرجس، يوضح ما ذكرناه أن أكثر الرواة والمفسرين على أن الآية لم تنزل في نساء النبيء ÷، ولم يردن بها، ولو كان متنافرًا لما أطبقوا عليه، شرح غاية.

(٢) لأنه لما نزل قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}⁣[الأحزاب ٣٣]، لفَّ عليهم النبيء ÷ كساء، وقال: هؤلاء أهل بيتي. رفو.

(٣) وما أراد الله من أفعاله واقع اتفاقًا، وإنما الخلاف فيما أراده من أفعال العباد. والمراد بالتطهير: هو التطهير المعنوي؛ وهو العصمة من الباطل؛ ضرورة عدم التطهير من القذارة؛ فلو أجمعوا على باطل لما صدقت الآية. ودليل دعوى كون أهل البيت هم لا نساؤه ÷ تذكير الضمير. جلال على مختصر المنتهى.

(٤) والأقرب أنه حقيقة في الأول، مجاز في الثاني تشبيهًا بالأول. ح السيد داود.

(٥) وهو أنه تعالى طهرهم من الأفعال والأقوال المستخبثة، التي يستحق عليها الذم والعقاب. ح معيار للسيد داود.

(٦) أي: اختيارهم من الأفعال المستخبثة.