[الدليل الرابع: القياس]
  (وَ) منها أنها تصح أن تكون (مُفْرَدَةً) اتفاقًا، كقولنا في الوضوء: عبادةٌ، فتجب فيه النية كالصلاة، ونحو ذلك كثير.
  (وَ) يصح - أيضا - أن تكون (مُرَكَّبَةً(١)) من أوصاف متعددة، كتعليل وجوب القصاص بقولنا: قتلٌ عمدٌ عدوانٌ، فهذه الأوصاف بمجموعها علة في وجوب القصاص، ولا مانع من ذلك على الصحيح؛ إذ الوجه الذي تثبت به عِلِّية الوصف الواحد تثبت به علية الأوصاف المتعددة، من نصٍّ(٢)، أو مناسبةٍ، أو شَبَهٍ(٣)، أو سَبْرٍ، أو استنباط(٤)، والله أعلم.
  (وَ) منها أنها تصح (أَنْ تَكُونَ) العلة (خَلْقًا فِي مَحَلِّ الحُكْمِ): إما لازما، كالطعم(٥) في الربويات عند من علل به، وإما مفارقا، كالصغر إذا علل به فساد البيع أو نحوه.
= فرق بين أن يقال: علة الإجبار عدم الإصابة أو البكارة، وعلة تصرف الولي في مال من يتولى عليه الجنون أو عدم العقل، والتعبير عن العلل العدمية بعبارات وجودية واقع، وعدمه بالعبارت العدمية مجرد دعوى. قسطاس.
(١) ومنهم من قال: لا يصح أن تكون مركبة، ويجعلون العلة من هذه الأوصاف أقواها في اقتضائها الحكم، وهو القتل، والعمدية والعدوانية شرطين لها، لا جزأين منها. حا.
(٢) أو إجماع.
(٣) قال في شرح الغاية: ومن طرق العلة مسلك يسمى الشَّبَهَ؛ لمشابهته للمناسب من وجه، والطردي من آخر، وهو واسطة بينهما؛ لأن الوصف إن علمت مناسبته لذاته فمناسب، وإلا فإن التفت إليه الشارع فشبهٌ وإلا فطرديٌّ. مثال الشبه: أن يقال: إزالة الخبث طهارة تراد للقربة فيتعين الماء لها كطهارة الحدث، فإن المناسبة بينهما غير ظاهرة، ولكن إذا تعين وصف من بين أوصاف المنصوص لالتفات الشارع إليه دون غيره يتوهم أنه مناسب، وقد اجتمع في إزالة الخبث كونها قلعًا له وطهارة تراد للقربة، والشارع اعتبر الثاني في تعين الماء كما في الصلاة. غ بأكثر اللفظ.
(٤) الاستنباط بالمناسبة، أو بالسبر والتقسيم، أو بالشبه، أو بالدوران. وعبارته توهم أن الاستنباط مغاير لما قبله.
(٥) في مصباح اللغة: الطَّعْمُ - بالفتح -: يطلق على كل ما يساغ حتى الماء، والطُّعْم - بالضم -: الطعام. وقولهم: «الطَّعم علة الربا» المعنى كونه مما يطعم - أي: يساغ - جامدًا كالحبوب، أو مائعًا كالعصير والدهن والخل. فالوجه أن يقرأ بالفتح؛ لأن الطعم بالضم يطلق ويراد به الطعام؛ فلا يتناول المائعات. والطَّعم بالفتح يطلق ويراد به ما يُتناولُ استطعامًا، فهو أعم.