الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الرابع: القياس]

صفحة 183 - الجزء 1

  وهو قضاؤه - فإنه يحصل النفع إذا قُضي، فكذلك دَين الله. فَنَبَّه بذكر نظيره مع العلة على أن حكم المسئول عنه كذلك لتلك العلة⁣(⁣١)، وإلا لم يكن لذكره فائدة، والله أعلم.

  وإنما قال في هذا: «وقريب منه» لأنه في الأول ذكر في الجواب حكم المسئول عنه، وفي هذا ذكر فيه نظير المسئول عنه؛ ليثبت في المسئول عنه ما ثبت في نظيره، كما بينا.

  وهذا النوع من تنبيه النص يسمى: ترتيب الحكم على الوصف، وقد عُدَّ منه قوله تعالى: {فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ}⁣[البقرة ٢٨٢]، فنبه⁣(⁣٢) على أن العلة في صحة النيابة من الولي هي السَّفَهُ، أو الضعف⁣(⁣٣). والأَولى أن هذا من الطرف الثاني من صريح النص، أعني: ما أُتِي فيه بأحد حروف العلة؛ لأنه قد أتى فيه بحرف العلة، أعني: «إن»، فهو مثل: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا}، كما قدمنا، والله أعلم.

  ومن هذا النوع⁣(⁣٤): قوله ÷ - لعمر حين سأله عن قُبلة الصائم هل تفسد الصوم؟ -: «أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته، أكان يفسد⁣(⁣٥) ذلك؟!»


= إذا قضي ... الخ، وكذلك في مخطوطة أخرى.

(١) وهذا يسمى عند الأصوليين تنبيهًا على أصل القياس؛ لما فيه من ذكر الأصل الذي هو دين الآدمي على الميت، والفرع وهو الحج الواجب عليه، والعلة وهو قضاء فرض الميت، فقد جمع فيه ÷ أركان القياس. شرح غاية.

(٢) فدل ترتيب الحكم - وهو الإملاء من الولي، وهو الأب أو الجد أو نحوهما - على الوصف - وهو الضعف أو السَّفَه - على أن ذلك الوصف هو السبب في نيابة الولي عنه في الإقرار، فحيث يرتفع الوصف ترتفع النيابة، وإلا لكان الترتيب عاطلا عن الإفادة ولا يصح. قسطاس.

(٣) قال في الكشاف: السفيه: نقيض الحليم، وهو الذي يجهل قدر المال. والضعيف: ناقص العقل. والثالث: الأخرس ونحوه. وجعل الضمير في «وليه» لأحد الثلاثة. قال: إنه يصح إقراره عليهم، وقواه مولانا أمير المؤمنين المتوكل على رب العالمين، وهو مذهب أبي العباس، ذكره القاضي زيد في شرحه مختارًا له.

(٤) القريب من النوع الأول من تنبيه النص.

(٥) في المخطوط: «أكان يضرك».