[الدليل الرابع: القياس]
  فقال: لا، فقال ÷: «فصم إذًا».
  سأله عن حكم القبلة هل يَفسد بها الصوم؟ فذكر حكم(١) نظيرها، أعني: المضمضة، وهو كونها غير مفسدة، بعلته، وهو كونه لم يصل الجوف منها شيء؛ ليعلم أن حكم القُبلة كذلك لتلك العلة، وإلا لم يكن لذكر نظير القبلة فائدة، فتأمل ذلك!
  (و) النوع الثاني: الفصل بين الشيئين(٢) المذكورين بالوصف: إما مع ذكر الوصفين معا (مثل) قوله ÷: («للراجل سهم، وللفارس سهمان»).
  وإما مع ذكر أحدهما فقط، مثل: «القاتل عمدًا لا يرث»، فإنه لم يتعرض لغير القاتل وإرثه، فقد فَصَل ÷ بين المجاهدين بصفة الفروسية والرجولية. وكذلك فصل بين الوارثين بالقتل وعدمه، فلولا أن الصفة هي العلة في استحقاق النصيب المسمى في الأول، وعدم الإرث في الثاني - لما كان لذكرها فائدة.
  (و) النوع الثالث أن يذكر الشارع وصفًا مع حكم مناسب (مثل) قوله ÷: «لا يقضي القاضي وهو غضبان» فنبه بذكر الغضب مع الحكم على أنه العلة في عدم جواز الحكم مع غضب القاضي، وإلا لم يكن لذكره فائدة؛ وذلك لأنه مُشَوِّش للنظر، وموجِب للاضطراب.
  (وغير ذلك) من الوجوه التي يُفهم منها التعليل لا على وجه التصريح كثير، نحو المدح أو الذم في عَرْضِ ذكر الفعل، نحو قوله ÷: «لعن الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، فلولا قصدُ التنبيه على علةِ لعنهم بكونهم اتخذوا
(١) عبارة القسطاس: فذكر حكم المضمضة وهو عدم الإفساد، ونبَّه على علته، وهو عدم ترتب المقصود - أعني الشرب - عليها؛ ليعلم أن القبلة - أيضًا - لا تفسد؛ لعدم ترتب الوقاع عليها.
(٢) في الغاية وشرحها: (ومنه) - أي: من الإيماء، وهو مرتبة من مراتبه - (الفرقُ بين حكمين) بوصفين إما (بصفة) أي: بصيغة الصفة مع ذكر الوصفين نحو «للراجل سهم ..» الخ، وقريب منه في مختصر المنتهى.